تعج المحاكم بالقضايا المدنية والتجارية الناتجة عن المطالبات بحقوق الدائنين التي يتعمد بعض المدينين المماطلة في سداد الدين الذي في ذمته أو اللجوء إلى أساليب الغش والاحتيال لتبديد الضمان العام للمدين بنقل الأموال أو التصرف بها تصرفات صورية لمنع التنفيذ عليها.
وعلى الرغم من جميع الطرق والضمانات التي كفلها المشرع إلا أن بعض هذه الضمانات تحمل في طياتها ثغرات قانونية مكنت بعض المدينين من تهريب أموالهم قبل حلول الأداء للتذرع بالإعسار حتى لا يتم التنفيذ على أموالهم.
وقد تكون أبرز الثغرات القانونية هي في الحجز التحفظي، حيث ينص القانون على ضرورة حلول الأداء حتى يتمكن المدين من إيقاع الحجز التحفظي وهو أول عامل يساعد المدينين على التصرف بالأموال حتى لا يتمكن الدائن من الحصول على حقه.
وعلى الرغم من أن الكويت تعتبر من الدول القليلة التي تفرض حلول الأداء وهو الذي لا يعرفه المشرع الفرنسي نظرا لأن حلول الأداء لإيقاع الحجز التحفظي يجعل دوره شبيها أو قد يكون مماثلا للحجز التنفيذي ويخرج الحجز التحفظي من مضمونه وهو الحفاظ على الضمان العام.
إن حفظ الحقوق أمر في غاية الأهمية، وذلك لأننا نسعى من خلالها لحفظ الأمن والاستقرار في المجتمع، وترك حقوق الأفراد تضيع دون وجود قوانين صارمة تعمل بدورها على الحفاظ على الضمان العام ستجعل من المجتمع غابة وستجر معها قضايا نحن في غنى عنها.
لذا نرى انه من المجدي لو تم إلغاء شرط حلول الأداء من قانون الحجز التحفظي والاكتفاء بتعين المقدار وثبوته في سند تنفيذي من السندات التنفيذية المعتمدة لدى الجهات القضائية فيحق للدائن أن يبادر برفع دعوى الحجز التحفظي متى ما استشعر بعدم جدية المدين في سداد الدين أو حتى متى ما نمى إلى علمه أن المدين قد يلجأ لأساليب الغش والاحتيال.
بيد ان القانون قد أوقع ضمانات للدائن متشددة على المدين قد تصل حتى لبيع منزله الذي يعيش فيه إلا أن ذلك لا يضمن حق الدائن فهناك كثر من الدائنين ضاعت حقوقهم ولم يتمكنوا من استرجاع أموالهم وبالتالي لم يضمن لهم القانون حماية لحقوقهم.
وقد تكون مثل هذه المشكلة لا يستشعر بها إلا العاملون بالمحاكم المدنية والتجارية لما هنالك من زخم في القضايا المرفوعة في هذا الجانب والتي جرت بعدها قضايا جزائية لا نتمنى أن يشهدها المجتمع.
لأنه بالتأكيد متى ما ضاعت حقوق الدائنين فنحن نجعلهم تحت ضغط نفسي قوي قد يدفعهم للتهور وهذا ما لا نريده.
نعرف تماما أن التشريع في الكويت يمر بأزمة مع انشغال الكثير من أعضاء البرلمان بقضايا بعيدة تمام البعد عن التشريع وهو الذي يجعلنا نشهد الكثير من ضياع الحقوق لدينا.
فعلى الرغم من أن الفكرة الأساسية من تشكيل مجلس الأمة حين تم التوقيع على الميثاق مع المغفور له الشيخ عبدالله السالم هو وجود سلطة تتولى التشريع وهي من اسمها سلطة تشريعية إلا أن التشريع مغيب من أولويات المجلس بصورة كبيرة.
وعليه فإننا نتمنى من وزارة العدل أن تجتمع مع أعضاء السلطة القضائية للوقوف على أبرز التشريعات التي تعاني منها القوانين الكويتية من قصور وعرضها بالتالي على اللجنة التشريعية ليتم إقرارها حفظا لحقوق الأفراد.
فالمجلس الأعلى للقضاء لابد أن يرفع توصية بأكثر الثغرات في القوانين التي تكبل عمل القضاء ليتم تكييف التشريعات وتحديثها لتتواءم مع أحدث ما وصل إليه العصر الحالي.
فلا يعقل أن يكون القانون قد وضع في ستينيات القرن الماضي ونأتي في عام 2021 مع تغيير كبير في طبيعة المجتمع وبنائه ونطبق عليه القوانين السابقة وبالأخص ان هناك العديد من القضايا لا يوجد لها تكييف قانوني موائم.