هلَّ العيد علينا، مع فرحة غامرة برفع الحظر مع مؤشرات في انخفاض أعداد الإصابات بكورونا، إلا أن أكثر ما يؤرق المجتمع اليوم هو الامتحانات الورقية التي لقيت جدلا واسعا في أوساط المجتمع بين مؤيد ومعارض ومشجع للطلبة على الاعتصام، هذا فضلا عن التدخلات النيابية لمحاولة منع الاختبارات الورقية.
وعلى الرغم من أن الاختبارات الورقية هي في الأساس أتت لصالح الطلبة وليست ضدهم، حيث إن كل التربويين المتخصصين وجدوا أن هؤلاء الطلبة مر عليهم فصلان دراسيان وهو الفصل الثاني من صف الحادي عشر والفصل الأول من الثاني عشر دون أن يتم تقييم مستواهم، وهذا نادر ما يحدث منذ بداية فرض التعليم الإلزامي، حيث ان الاختبار يساعد الطلبة على تركيز المعلومات في أذهانهم بشكل أفضل، فلا دراسة حقيقية دون اختبار، وعليه فإن المستفيد الأول من الاختبارات الورقية هم الطلبة لأنهم سيضطرون للدراسة الفعلية والتركيز، وبالتالي سيتحسن مستواهم العلمي بشكل كبير، وسنضمن بالتالي جودة التعليم.
إلا أن المؤسف أن هؤلاء الطلبة المحتجين على الاختبارات الورقية هم بالأساس ضحايا لأسرهم، لأن الرقابة المنزلية والتوجيه من قبل الوالدين والحرص على التعليم كانت لابد أن تكون من الأسرة أولا قبل المدرسة ووزارة التربية.
فالأم والأب لهما دور بارز في حياة أبنائهما التعليمية، وعليه كان من المجدي لو قام الآباء بمتابعة دراسة أبنائهم شخصيا خلال هذه السنة والنصف وتأهيلهم نفسيا لأي ظرف يطرأ حتى يكونوا على أتم الاستعداد.
فالمراهق لابد ألا يترك وحيدا يقرر مستقبله لأن إدراكه محدود للغاية، وهو بالتالي لا يعي الكثير من القيم والمفاهيم وما يدور حول العالم، فالبالغون الكبار يعرفون تماما ان ظرف كورونا ظرف طارئ وكل الاحتمالات واردة والقرارات متغيرة، لذلك كان من المجدي لو تمت تهيئة الطلبة والطالبات نفسيا قبل المفاجأة بقرار وزارة التربية.
فالبعض، سامحهم الله، يتركون أبناءهم بلا متابعة حقيقية لدروسهم ودون رقابة محكمة من الوالدين، فيترك الأبناء على هواهم دون حزم وشدة في التربية تجعلهم يمتثلون للقرارات ويحترمون من هم اكبر منهم.
فمن يجرؤ في الأجيال السابقة أن يعارض والديه أو يعارض مدرسيه أو قرارا لوزارة التربية وذلك لأن الثقة كانت أن من هم أكبر منا بالتأكيد يبحثون عن مصلحتنا التي لم نكن نعيها في سنهم.
فلابد ان تتم توعية الطلبة المحتجين على قرار وزارة التربية بأنه جاء لمصلحتهم في المرتبة الأولى، فهم المستفيدون لأنه من المعيب أن نجد مراهقين يشككون في نوايا قيادات وزارتي التربية والصحة.
فبالتأكيد لو كان قرار عودة الامتحانات الورقية ليس المستفيد الأول منه هو الطلبة بالتأكيد لما كان له ان يقر، ولكن سامح الله بعض الأسر الذين لا يغرسون مثل هذه الأفكار في عقلية أبنائهم.
فالتعليم لمصلحة المتعلم أولا، فحين نتعلم نحن نكتسب قيما كبيرة في حياتنا ونرتقي بمستوانا المادي والمهني.
أنا أتمنى حقيقة أن يجلس الوالدان مع أبنائهم ويكثفوا الدروس الأخلاقية والتربوية لتنوير هؤلاء الطلبة بأهمية التعليم لهم أولا قبل أن يكون لسواهم، فما فائدة أن تحصل على درجة عالية دون تعب ولا تعكس مستوى الطالب الحقيقي؟ فكيف نبني في الإنسان وكيف نبني في أوطاننا؟
فالتعليم فرض كفاية أي إن أول من أتى بالمدارس والتعليم والحث على العلم هو الإسلام، لذا نتوقع ان تكون المجتمعات الإسلامية أول المجتمعات حرصا على التعليم والتعلم لأن قيمة الإنسان ومقامه تكمن في دينه وعلمه، فالإسلام والجهل لا يلتقيان.
لذا، نتمنى بعد أن أصبح قرار وزارة التربية نافذا أن يركز هؤلاء الطلبة في الدراسة لنيل الدرجات العالية والتقدم، فالمجتمع لا يتقدم إلا بأفراده ومواطنيه، ونتمنى من بعض الأسر أن تكف عن التحريض الذي تمارسه من خلال أبنائهم ضد قرارات وزارة التربية وأن يعلموا أبناءهم أن كل القرارات هي في الأصل لمصلحتهم، فالدولة معهم وليست ضدهم.