لا أحد ينكر أن أزمة كورونا أحدثت سلبيات كثيرة، من إصابات أدت إلى فقد الأرواح إلى ارتفاع معدل التشغيل في المستشفيات واستنزاف الطاقة الطبية لدينا، حتى أصبح هناك الكثير من المشاكل التي تواجه القطاع الصحي، ومن الضروري إيجاد حلول مواتية لها حتى لا يتضرر المجتمع ويتأثر القطاع الطبي لدينا.
اليوم وبعد ظهور أزمة كورونا ظهرت على الساحة مشكلة نقص الكوادر الطبية، فلم يعد الطاقم الطبي لدينا قادرا على تشغيل كل المستوصفات والمستشفيات، الأمر الذي ألحق ضررا بالمجتمع، هذا فضلا عن قرارات وزارة الصحة المتكررة بمنع العاملين من الحصول على إجازات، الأمر الذي أرهق الطاقم الطبي بشكل كبير، والاستمرار في هذا النهج بالتأكيد مرفوض لأن الإنسان لديه طاقة للعطاء لها حدود، ومن الضروري عدم إرهاق الطاقم الطبي بهذا الشكل حتى لا تتضرر صحة العاملين في وزارة الصحة، وعليه فمن الضروري أن يتم تعزيز الطاقم الطبي بأطباء وممرضين من الخارج حتى تتمكن وزارة الصحة من عودة قطاعاتها للعمل بصورة منتظمة كما في السابق.
لا أحد ينكر أن هناك قطاعات من المستحيل أن يتم من خلالها الاستغناء عن الوافدين من الخارج، وذلك للنقص الشديد في الكوادر الكويتية بها، فلدينا على سبيل المثال نقص شديد في عدد الطبيبات النساء، وهو الأمر الحيوي والمهم النقاش فيه، وذلك لأن شريحة كبيرة من نساء المجتمع لا تفضل الكشف لدى الطبيب وتريد طبيبة امرأة، وعليه فليس كل التخصصات لدينا فيها طبيبات ومن أبرزها أمراض العظام والجراحة والأسنان والقلب وغيرها، فعدد النساء فيها قليل جدا وهو الذي تسبب في أزمة كبيرة لدى فئة كبيرة من النساء لأن أغلب النساء لدينا محجبات وبالتالي لا يجوز الكشف لدى الطبيب الذكر إلا في الحالات الحرجة التي قد تتعرض فيها حياة المرأة للهلاك، وعليه فمن الضروري لوزارة الصحة تعزيز الكوادر الطبية بعناصر نسائية حتى لا تحرج نفسها مع فئات كبيرة في المجتمع.
الأمر الآخر الذي أحدثته أزمة كورونا على القطاع الطبي هو نقص الأدوية، فأدوية كثيرة فقدت من الأسواق وغير موجودة حتى في المستودعات الطبية، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن الأسباب، لأن حركة الطيران والشحن مستمرة ولا داعي لأن تفقد هذه الأدوية من الأسواق واستبدالها ببدائل ليست بالجودة ذاتها.
نعي تماما المسؤولية الكبيرة الملقاة على كاهل وزارة الصحة والعاملين لديها، وهم بالتالي يشكرون على كل الجهود التي يقومون بها إلا أن الأمر يستلزم دعم لوزارة الصحة بصورة أكبر أولا بتعزيز الميزانية المخصصة لوزارة الصحة، هذا فضلا عن التنسيق مع الجهات المعنية لتذليل كل المعوقات التي تعتريهم فهم بحاجة إلى تذليل العقبات وتعاون بشكل أفضل.
نعرف تماما أن الضغط الكبير على مستشفيات وزارة الصحة لأنها أفضل من المستشفيات الخاصة، وهذا أمره عجيب فالوضع لدينا يسير عكس العالم فنجد أن المستشفيات الحكومية أفضل من الخاص ولديها إمكانيات أكبر وكفاءات في العاملين أكثر، وهو الأمر الذي ناقشنا تداعياته مرارا إلا أن القطاع الخاص لم يعالج نفسه ولم يعزز إمكانياته لتنافس المستشفيات العالمية، على الرغم من كل الدعومات المقدمة للقطاع الخاص لكنه لم يغن عن «العلاج بالخارج».
لذا فإن الإساءات المتكررة للقطاع الصحي الحكومي فيها تجن كبير على مستشفيات الحكومة وذلك لأنها تتبع استراتيجية معينة في العلاج لتتمكن من خلالها من المحافظة على صحة الإنسان لمدة أطول، فلا تكثر من إعطاء الأدوية التي قد تعالج بصورة سريعة، لكن لها ضرر على المدى البعيد على صحة الفرد.
ومن المؤسف حقيقة أنه عند حدوث أي خطأ طبي، وهو وارد في كل المستشفيات حتى العالمية، يتم توجيه سهام النقد الى جميع مستشفيات وزارة الصحة وننكر المجهود الكبير الذي يقوم به العاملون فيها، فلا أحد فيها يتعمد التسبب في وفاة أحد، فالأعمار بيد الله وحده هو الذي يحيي ويميت، واليقين بذلك الأمر من العقيدة وهو الإيمان بقدرة الله وحده.