عمت الفرحة بين أوساط متعددة في المجتمع نتيجة القرارات الأخيرة الصادرة من مجلس الوزراء بشأن العودة التدريجية للحياة الطبيعية وزيادة ساعات فتح الأسواق والمجمعات والمطاعم وهذا الأمر كنا نرجوه، وقد من الله علينا بأن الحياة بدأت تعود لسائر عهدها.
إلا أن الحديث اليوم يدور حول عودة الطلبة للمدارس وهو الذي لا يقل أهمية عن الوضع الصحي، لأن العملية التعليمية اليوم تعتبر عصب الحياة، وبالتأكيد لابد أن يكون في مقدمة أولويات المجتمع وإلا خلقنا جيل جاهل وهو ما سيؤثر سلبا على تقدم الدولة بأكملها.
فاليوم التفكير في عودة المدارس مع ضرورة الالتزام بالاشتراطات الصحية والتباعد الاجتماعي حتى لا يتضرر أبناؤنا، ولكن السؤال: كيف سيتم هذا الأمر؟ وهو الذي بالتأكيد بحاجة إلى تعزيز ميزانية وزارة التربية لتتمكن من التعاقد السريع مع عدد أكبر من المدرسين لتتمكن من تنفيذ التباعد الاجتماعي.
فالكل يعرف أن عدد المدارس الحكومية والخاصة في الكويت يلبي احتياجات الحياة الطبيعية، حيث لا تتطلب تباعدا اجتماعيا مع الحد الأقصى المسموح به لعدد الطلبة في الفصل الواحد.
ولكن مع تقليل عدد الطلبة وتوزيعهم على الفصول هذا يتطلب عددا اكبر من المدارس وهو الذي لا يتوافر حاليا لأننا لا نستطيع بالتالي ان نستعين بمباني غير مصممة كمدارس وهذا أمره ضروري.
ويبقى الحل الوحيد وهو تقسيم الطلبة على فترتين صباحية ومسائية لنقلل من عدد الطلبة في الفصل الواحد وهو الذي لن يتطلب ميزانية كالتي ستتطلبها تجهيز مباني سريعة لن تلبي الغرض التربوي، فالمدرسة لها مواصفات محددة في المبنى وهذه تستلزم منا لتجهيزها سنة على الأقل لتجهز المباني والميزانية ستكون مضاعفة.
لذا يبقى الحل الأمثل هو تشغيل المدرسة على فترتين صباحية ومسائية، وهذا لن يستلزم ميزانية كبيرة، فقط ما ستواجهه وزارة التربية عقبة النقص في عدد المدرسين، لذا حبذا لو أسرعت وزارة التربية في معالجة النقص الحاصل في عدد المدرسين سواء بالتعاقدات المحلية أو الخارجية المهم أن تكون المدارس والهيئة التعليمية جاهزة في موعدها 1 سبتمبر.
فلا أحد ينكر أن نفسية الأطفال تأثرت كثيرا بغيابهم عن مدرسيهم ومدارسهم فهم افتقدوا البيئة التعليمية بأكملها وأصدقائهم، هذا فضلا عن العزلة التي أحدثتها كورونا وضرورة قضاء وقت طويل أمام الشاشات لتلقي التعليم عن بُعد، والذي أنا متأكدة منه أنه لو تم عمل قياس مستوى لما اكتسبه هؤلاء الطلبة في التعليم عن بُعد فستصدم وزارة التربية من النتيجة لأن التعليم عن بعد يُصلح للكبار البالغين ممن تعدوا العشرين عاما، ولكن من هم في مراحل حياتهم التعليمية الأولى بالتأكيد أن الحصيلة العلمية أقل بكثير من التعليم التقليدي، وبالأخص أن الأهالي كانوا يتدخلون في حل الواجبات والاختبارات، مما أفسد العملية التربوية بأكملها، فلو تُرك الأطفال يؤدون واجباتهم واختباراتهم دون تدخل الأهل لكانت نتائج قياس المستوى افضل.
فكثيرا ما حذرنا من أن يتم التدخل في العملية التربوية من قبل الوالدين، وذلك لأن الهدف التعلم وليس رصد الدرجات العالية والشهادات دون أن يكون هناك مضمون وتعلم حقيقي يكتسبه الفرد.
اليوم أنا متأكدة أنه بعودة التعليم التقليدي سيواجه المعلمون معضلة كبيرة في كيفية مراجعة ما مضى في العام ونصف العام مع ضبط الفصل وتأهيل الطلبة نفسيا وتربويا ليتم السيطرة عليهم في الفصل وعودة الأمور إلى سابق عهدها.
وهذه أكثر السلبيات والعقبات التي سيواجهها المعلمون، فلا أحد ينكر أن العالم اليوم كله تضرر بسبب توجيهات منظمة الصحة العالمية غير المنطقية في تعطيل المدارس، فوباء حل في العالم لم يكن ليتم التعامل معه بهذه الصورة، فقد أخذ دعاية وإعلانا كبيرا وكانت الآثار والأضرار كبيرة، إلا أنه قدر الله وما شاء فعل، فاليوم نحن بحاجة إلى تأهيل المجتمعات للعودة الآمنة للحياة الطبيعية، فبما أن نسبة الإقبال على التطعيم كبيرة تبقى المناعة المجتمعية هي المطلوبة مع عودة الحياة لسابق عهدها.
وقد تكون أولى الأولويات عودة الأطفال للمدارس مع تأهيلهم للتعلم الحقيقي من جديد، فهم أكثر الفئات تضررا من قرارات منظمة الصحة العالمية.