جائحة حول العالم لم تترك دولة من دون إصابات وأموات ومستشفيات مكتظة بالمرضى وطريحي الفراش، تكاتفت الدول مجتمعة من أجل الحد من انتشار كورونا إلا أنه حتى هذه اللحظة أعداد الإصابات في تأرجح بين ارتفاع وانخفاض، فإن قلت في دولة ارتفعت في أخرى، وبين حظر وانفتاح يعيش العالم اليوم متأهبا لأي طارئ جديد، أعاننا الله وإياكم على هذا البلاء.
ولأن الحياة يجب ألا تقف لدى أي أزمة طارئة أصبح من الضروري العودة للحياة كسابق عهدها، فعادت لدينا في الكويت الأعمال وفتحت الأسواق واليوم الكل يتأهب لعودة المدارس.
حقيقة، إن عودة المدارس تشكل قلقا للبالغين وفرحة للأطفال فلم يحدث في التاريخ القديم أو المعاصر أن عطلت الدراسة لأكثر من عام ونصف العام، والوضع لدينا قد يكون أكثر تأزما، نظرا لأن الكويت تتمتع بمناخ صحراوي جاف حيث لا جبال ولا أنهار ولا سهول هذا فضلا عن إغلاق الدولة لكل أماكن الترفيه من أجل الصيانة والترميمات إلا أن المتضرر الأول من هذه الجائحة هم الأطفال أنفسهم.
وعلى الرغم من أن الأطفال لا يشتكون إلا أن المتتبع لنفسية الأطفال حوله يجد أن هناك تغييرات طرأت عليهم ،فإما أن البعض ازداد عنفا وعصبية وفظاظة أو ازداد انطوائية وبين هاتين الحالتين بالتأكيد الوضع يشكل ناقوس خطر ما لم تتم معالجة ذلك الأمر في أقرب وقت ممكن.
وقد يكون الدور الكبير اليوم يقع على 3 شرائح وظيفية داخل المدرسة هم المدرسون والأخصائيون الاجتماعيون والنفسيون، فهؤلاء اليوم بين أيديهم أمانة مهمة وهم أبناء الكويت الذين من الضروري أن يتم تقييمهم علميا ونفسيا واجتماعيا.
لذا، نطالب وزارة التربية بأن تعمم دراسة نفسية واجتماعية على جميع الطلبة والطالبات دون سن الخامسة عشرة للتعرف على ما أحدثته هذه الجائحة في نفسياتهم للتمكن من معالجة الوضع لديهم من خلال الإرشاد النفسي والتربوي قبل أن يتفاقم الوضع لديهم مستقبلا للوصول لأخذ عقار مضاد لما قد يواجهونه في المستقبل.
المشكلة حقيقة أن الأسرة الكويتية تعاني الكثير من المشاكل، ووفقا لإحصائيات وزارة العدل والأخبار المتداولة فإن حالات الطلاق ازدادت خلال هذا العام والنصف العام وإن لم يحدث طلاق رسمي، فهناك انفصال حقيقي بين الزوجين، هذا فضلا عن المشاكل الكثيرة وكمية العنف والصراخ التي تحدث أمام الأبناء وكلها داخل أبواب مغلقة تحمل ضغطها الأطفال، وكان لها الأثر النفسي الكبير عليهم.
ولأن الأطفال لا يعرفون الشكوى، فمجرد ألم واحد يتألمون منه دون أن يسمع شكواهم أحد، ما سيكون لها بالغ الأثر في نفسياتهم بعد الكبر، فهذا الألم الذي يشعر به الأطفال هو يشكل شخصياتهم، وعليه من الضروري أن تقدم الدولة الرعاية الكاملة والإرشاد.
وهذا الأمر ممكن وخصوصا أن الدولة تخرج سنويا الآلاف من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، وعليه من الضروري أن يكون لهم دور ويطبقوا ما درسوه عمليا.
فجامعة الكويت تفتح تخصصات البعض يدخل فيها من أجل أن يكون جامعيا فقط، وهذه مأساة بل لابد من التطبيق العملي والممارسة لكل ما تمت دراسته، لأن الدولة لا تفتح تخصصا من أجل الرفاه الاجتماعي، فدوليا هذه التخصصات مطلوبة في سوق العمل ولها دور بارز في المجتمع إلا أن البعض يستهتر بها.
فها نحن اليوم واجهتنا جائحة حول العالم نجا منها من نجا وتضرر منها من تضرر، ولأجل ذلك بات اليوم الدور مسلطا على الأطباء والممرضين ورجال الشرطة وظهرت الحاجة للأخصائيين النفسيين والاجتماعيين.
حقيقة، من الضروري أن يأخذ الأخصائي النفسي والاجتماعي دورا في المجتمع لأن أول أساسيات علم الاجتماع هو أن الأسرة نواة المجتمع، فإذا صلحت الأسرة واستقامت استقام المجتمع.
لذا على الرغم من كل الهيكل الإداري في الدولة إلا أن هناك مهنا أدوارها معطلة وليس لها دور حيوي في المجتمع، فالدولة راعية ومسؤولة فليس دورها فقط أن تقدم المال والتطبب والأمن فحسب، ولكن أن تحمي الأجيال القادمة من الانحراف والتطرف الفكري والعنف، ما تسبب في ارتفاع الجريمة في الكويت مؤخرا وخصوصا بعد الجائحة.