إن دورة الحياة الطبيعية التي تمر على الإنسان بمختلف مراحل نموه تجعله يتغير يوما عن الآخر وينضج يوما تلو الآخر وهذا بالتأكيد للإنسان الطبيعي الذي يتمتع بإدراك ووعي تجعله يطور من ذاته ومن إمكانياته.
إلا أن المشكلة المتفاقمة اليوم هي عدم نضج الكثير من الأفراد، فتجد أشخاصا تبلغ من العمر عتيا وتتصرف تصرفات صبيانية لا تنم عن المرحلة العمرية التي ينتمون إليها.
هذا فضلا عن سمة الجهل التي يتمتع بها كثر في مختلف المراحل العمرية وهي التي تتسبب في أبسط المشكلات إلى أن تتفاقم لجرائم قتل، وأغلب الأسباب عائدة إلى الجهل وعدم القدرة على التصرف الحكيم بالمواقف.
حقيقة، نحتاج إلى عقلاء تفكر وأشخاص يتبعون لغة المنطق والعقل، فلا ضير من أن يعترف البعض بنقص الحكمة والتعقل لديهم ليطلبوا نصيحة ومشورة أصحاب العقول، والأهم أن يطبقوا هذه النصيحة. فكثر يلجأون إلى الدكاترة وكبار السن لطلب المشورة والحكمة، وهم بالتالي لا يطبقونها، فتتفاقم المشكلات والأزمات عوضا من حلها، فكثر من يقومون بإعطاء النصائح الجيدة إلا أنه لا أحد يطبق النصيحة وهي التي غالبا ما تتسبب في أزمات، وقد تتسبب في أضرار ليس بين طرفي الخصام فحسب بل لأناس أبرياء لا علاقة لهم بالمشكلة محل النزاع.
إلا أن ما نتمناه أن نجد آلية لمعالجة الجهل فهي ظاهرة حقيقية ومشكلة تسببت بأزمات اجتماعية كبيرة في المجتمع، فيقال فلان جاهل وفلانة جاهلة، وهذه الأزمة باتت أضرارها تنسحب على المجتمع إلا أن لا نجد حلا لمثل هذه الأزمة، فالعاقل عاقل والجاهل جاهل ولكن كيف لنا أن نحمي المجتمع من الجهلاء وحماقتهم.
لا أدري حقيقة، فعلى الرغم من كل الأبحاث التربوية ومناهج التدريس المتطورة إلا أننا لم نجد حلا لمثل هذه المعضلة حتى الآن، فلا أحد يستطيع أن يحول الإنسان الجاهل لعاقل متزن حكيم، فهذه هبة من الله، ولكن ما نستطيع أن نفعله أمر آخر.
فقد يكون في إحكام قبضة الأمن في المجتمع وتفعيل صلاحيات رجال الأمن حتى يكون للشرطة هيبة ما يجعل الجاهل والجاهلة متى ما فكروا بالإقدام على أي خطوه متهورة قد تؤدي إلى إحداث أضرار أن هناك جهات أمنية ستعمل على محاسبتهم.
إلا أن مشكلة بعض رجال الشرطة وخصوصا العاملين في المخافر أنهم قد يقصرون في دورهم في حفظ الأمن والسكينة بالمجتمع وهو الذي أدى إلى انتشار الجرائم بشكل كبير.
وقد يعتقد البعض أن هذا الأمر فيه ظلم على الشرطة ولكن هذا ليس بصحيح والإثبات متى ما اندلعت أي أزمة أو مشكلة وذهب الخصوم إلى مخفر الشرطة لا ينظر لها بعين الجدية بل يحاولون الصلح حتى انه كثيرا ما لا يكون هناك محقق خفارة في المخفر خارج أوقات العمل الرسمية رغم ضرورة تواجده حتى تأخذ العدالة مجراها.
فنحن نثمن إجراءات وزارة الداخلية الجديدة للعمل على الحد من الجريمة قبل وقوعها وليس اكتشاف المجرم بعد وقوعها، وقد تكون آلية تلقي بلاغات المشكلات والجرائم هذه هي الأزمة التي تعاني منها معظم المخافر في البلاد.
فإذا كان الجهل هو السائد ولغة العقل غائبة يبقى ملاذنا الآمن أن من يكون جاهلا أو عاقلا الكل لابد أن يخاف من هيبة الشرطة، وهذه ومع احترامي الشديد لقوات الأمن لدينا إلا أن لديهم مشكلة في الصلاحيات، ونحتاج بالتالي لتفعيل قانون الشرطة لإعادة الدور المحوري للشرطي.