ذكرنا مرارا أن جميع المؤسسات الحكومية يحكمها قانون إداري بحيث كفلت حقوقا وواجبات تقع على كاهل كل موظف على حدة، وجعلت هناك نظاما وتدرجا وظيفيا لتنظيم سير العمل وتحديد الاختصاصات، إلا أن المشكلة التي يعاني منها بعض العاملين في القطاع الحكومي هي جهلهم بالقانون الإداري بحيث يغفل الكثيرون منهم بما يقع عليه من واجبات وما كفله له القانون من حقوق، فتجد البعض يخشى على وظيفته أن يسرقها أحد منه أو أن يعلو عليه أحد في الترقية فيتعامل في القطاع الحكومي وكأنه يعمل في «الخاص».
وهذا أمره غير مقبول أن يستمر الحال على ما هو عليه في القطاع الحكومي لأنه بات يتسبب في مشاكل كثيرة هذا فضلا عن تعطيل سير العمل في بعض المرافق وتجاوز البعض لصلاحياته والعلاقة السامة التي تكون أحيانا بين الموظف ومرؤوسه إذا كان الموظف أكفأ من المسؤول المباشر، فيعتقد مخطئا أن هذا الموظف سيصعد على أكتافه ويأخذ منه الوظيفة الإشرافية.
وهذه حقيقة أصبحت ظاهرة في القطاع الحكومي الذي بات يشكل خطرا على البيئة المهنية بين العاملين وعلاقاتهم فيما بينهم إلا أن الحل الوحيد لمثل هذه المعضلة التي باتت تهدد سير العمل في القطاع الحكومي ألا وهو إكساب غير الأكاديميين من الموظفين ممن هو في مستوى دبلوم وأقل أو حتى تخصصات لا تحمل ثقافة قانونية أن يخضعهم ديوان الخدمة المدنية لدورات تثقيفية بالقانون الإداري لتتحسن علاقة الموظفين ببعضهم البعض، وعدم تعطيل مصالح الدولة لأجل مثل هذه الحزازات التي باتت تعكر صفو بيئة العمل.
فقد تكون المشكلة في أن الدورات التي يتم منحها للعاملين لا تشمل ثقافات واسعة لتحسين مستوى تفكير الموظفين فنجد أن قطاعي الإداريين والسكرتارية محصوران في دورات السكرتارية والمراسلات والشؤون الإدارية دون إكسابهم ثقافات أخرى.
وكذلك في المهن الفنية يحصل العاملون فيها على دورات تعنيهم وتغفل جهة العمل عن أن تزودهم بثقافات أخرى، حيث إن هناك موظفين يعانون من أسلوب وطريقة تعامل زملائهم فيما بينهم مما أفسد وأثر كثيرا على سير الأعمال في الحكومة وغالبا ما تنشأ مثل هذه المشاكل بين الموظفين غيرالمثقفين مع الموظفين المثقفين.
فتجد أن شريحة كبيرة من الموظفين المتعلمين والذين حصلوا على قدر كبير من العلم والمعرفة يتعاملون حقيقة برقي ويعالجون قضاياهم بأسلوب أفضل بكثير من بعض غير المتعلمين إلا أنه لا أحد ينكر المضايقات التي يتعرض لها الكثير من الموظفين الأكفاء من مثل هذه النوعية من الموظفين والذين لا يحسنون التعامل مع زملائهم وكلها بسبب إما عدم وعي بحقوق الزملاء في العمل أو بسبب مخاوف بأن فلان سيأخذ مكانه والحقيقة أنه لابد أن تتم توعية مثل هؤلاء الموظفين بأن من تعب على نفسه بالعلم والمعرفة لسنوات هذا بالتأكيد له طموحات وتطلعات تختلف تماما عن غير المتعلم وكذلك لن يتنافس في المهنة الواحدة المختلفون بالشهادات بل أصحاب المسميات ذاتها والاختصاصات ذاتها.
لذا ومن هذا المنطلق نتمنى على ديوان الخدمة المدنية أن يعد برنامجا تثقيفيا لجميع العاملين في الحكومة حتى يعرفوا ما عليهم من حقوق ومالهم من واجبات وتبصيرهم بالسلم الوظيفي والحقوق التي كفلها القانون الإداري لجميع العاملين وأن كل موظف حكومي له حقوق كفلها له القانون وألا يوجد أيا كان من سيعلو على الآخر وأن هناك ضوابط محدده في تسيير المؤسسات الحكومية.