إن مرحلة هبوط أسعار النفط في السنوات السابقة قد كان لها أثر كبير في موازنات الدول التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل مع تبعات انخفاض الأسعار وما صاحبها من تشنجات سياسية مع تحميل الحكومات مسؤولية عدم توفير بديل للدخل سوى النفط.
اليوم ونحن على ابواب عودة الأسعار للتعافي لا نريد الحديث عن مشاريع جديدة للدخل في الوقت الحالي لأن هذا الحديث أشبه بالتغريد خارج السرب وبالأخص وأن كثيرا من البلدان التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل لا تملك موارد بديلة للصناعة كما هو حالنا في الكويت لذلك يتعذر على الحكومة أن يكون لها مردود آخر سوى الاستثمارات الخارجية والنفط.
وبالنسبة للاستثمارات الخارجية يلفها الغموض كما يشير إليها دائما البعض فهل هي فعلا تشكل مردودا ومصدرا للدخل القومي أم انها استثمارات خاسرة فالإجابة عن مثل هذا السؤال بيد الهيئة العامة للاستثمار فهي وحدها المسؤولة عن تنوير الشعب بحقيقة الدخل الذي يعود على ميزانية الدولة من جراء هذه الاستثمارات وبالأخص وأن حق الدولة السيادي في مثل هذه الاستثمارات لابد ان يكون على بينة ومحفوظا وأن لا تتم مصادرته تحت أي ظرف من الظروف السياسية التي قد تطرأ على العلاقات الخارجية مع الدول وهذا بالتأكيد دور لابد ان تلعبه وزارة المالية في كيفية المحافظة على الاستثمارات الخارجية للدولة.
وفيما يتعلق بتعافي اسعار النفط اليوم لابد ان تتم المعالجة على مرحلتين الأولى هي سداد الديون المتراكمة على الجهات الحكومية اولا وسد قيمة السندات التي بيعت جراء تعزيز الموازنة والخطوة التالية ألا وهي السير على تقديرات الميزانية بأقل سعر نفط تم الوصول إليه وتقدير ميزانية السنوات السابقة على أثره فالحكومة استطاعت بجدارة تقليص المصروفات دون المساس بحقوق المواطنين وبالتالي فإن سياسة التقشف هذه لابد ان تستمر لسنوات قادمة إلى أن يتم خلق بدائل للنفط وليس بديلا واحدا فالرؤية التي يسير عليها معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح تبشر بان هناك بوارق امل لوجود بدائل للنفط إلا ان الأمر بحاجة إلى تكاتف الجهود والسير جاهدين من قبل كل الجهات والتعاون من كافة أطياف المجتمع للتمكن من تحقيق هذه الرؤية، وبالأخص أن مثل هذه المشاريع التنموية تعني المجتمع بكل أطيافه الحاضرة والقادمة، وهي التي لابد أن ترتكز على مبادئ التنمية المستدامة لعدم المساس بحق الأجيال القادمة وديمومة الدولة.
فسياسة التوفير هذه لا ’يعلمها الاقتصاديون فقط على مستوى الافراد والشركات بل سياسة التوفير نهج لابد ان تكون من اولويات الدول لدى إعدادها لموازناتها فالتوفير من الفائض لابد ان لا يذهب فقط لحساب الأجيال القادمة بل الحالية أيضا للتمكن من توفير احتياجات الأفراد الطارئة ويكون ذلك من خلال حساب للطوارئ يتم فيه وضع جزء من الفائض لسد العجوزات الطارئة في الميزانية لعدم الاضطرار مستقبلا لبيع السندات او اللجوء للاستدانة سواء أكانت من البنوك المحلية أو الخارجية كما حدث لدينا.
لذلك فإن استمرار الاعتماد على مصدر النفط كمصدر وحيد للدخل فإن معالجة مثل ذلك الأمر بحاجة للتأكيد على عقلية اقتصادية منفتحة على العالم مع تذليل التشريعات التي تكون قادرة على استيعاب المتغيرات التي قد تفاجئ الموازنة العامة للدولة.
فاليوم الأسعار ها هي عادت لتتعافى من جديد ولكنها خلفت لنا رصيدا سابقا من الأزمات الاقتصادية والسياسية من الضروري ان لا يتم تناسيها بسهولة أو الاستهتار بأثرها فعملية استدانة الحكومة من البنوك المحلية وبيع السندات في الأسواق العالمية هذه الحادثة نأمل أن لا تتكرر مستقبلا وبالأخص أن سبل سد عجز الموازنة مفتوحة وميسرة وقت الفائض قبل العجز.