لايزال العنف ضد المرأة مستمرا لدينا، فعلى الرغم من كل السبل التي تبذلها الجمعيات النسائية في توعية المجتمع بمخاطر العنف ضد المرأة، إلا أن كل الجهود المبذولة لم تؤت أكلها، والسبب أن العقلية الشرقية للرجل تجعل عنفه ضد المرأة مقياس الرجولة لديه.
فنجد كثيرا من الحالات التي تتعرض لها النساء من عنف سواء من الأهل أو من الزوج لم يتم وضع حد لها إلى الآن نظرا لأن العقوبات غير رادعة وخصوصا أنه إذا ما ترك الخيار للمرأة فهي غالبا ما تتسامح وخاصة إذا كان العنف صادرا من الأهل أو الزوج، والنتيجة بالتالي عدم استقرار نفسية المرأة المعنفة وكذلك تقطع أواصر الروابط الأسرية، فإما أن تقطع الأرحام أو يحدث طلاق، والسبب هو غالبا في سلوك الرجل الذي يميل لتعنيف المرأة عوضا عن اتباع الطرق الحوارية البناءة للوصول إلى نقطة التقاء في الموضوع محل النقاش أو القضية التي يتم النزاع عليها فيلجأ بعض الرجال للأسف إلى العنف الجسدي لفرض السيطرة وانتزاع حقوق المرأة عن طريق فرض العنف الجسدي.
ولو تمت مراجعة مراكز الشرطة في دولنا فسنجد مئات الآلاف من القضايا أو التعهدات التي أخذت نتيجة تعنيف المرأة، وفي المقابل لا توجد حلول رادعة لحماية المرأة من العنف، فعلى الرغم من تكثيف منظمات حقوق الإنسان لمثل هذه القضية، إلا أن العقلية الشرقية غالبا ما تميل إلى تعنيف المرأة.
وقد يكون الحل الوحيد هو البدء بالنشء حيث يتم البدء بطلبة المدارس بغرس قيم وأخلاقيات احترام المرأة منذ صغرهم وذلك من خلال ترهيب الرجل من خطورة جرائم الاعتداء والعنف ضد المرأة من خلال زرع قيم الأخلاق التي توضح كيفية تعامل الرجل مع المرأة، ومن هو الرجل صاحب الأخلاق المثالي وكيف ان قضية العنف ضد المرأة قد تعرض حياة المرأة للخطر، وقد تقطع الروابط الأسرية فقد يخسر الأب ابنته أو الأخ أخته أو الزوج لزوجته جراء تعريضها للعنف الجسدي، وقد تكون النتيجة إما قطع صلة الرحم أو الطلاق أو أن يتم جنوح المرأة وتعريضها للانحراف كردة فعل طبيعية لذوات الإيمان الضعيف فتكون بالتالي فريسة سهلة للغرباء.
لذلك، فإن صياغة المناهج التربوية لابد أن تتطور مع تطور الزمن، فمن الضروري أن تكون المناهج تربي على ضرورة احترام الآخر ونبذ العنف والغلو والتطرف وتزرع القيم والأخلاق لدى الطلبة كل في مجاله بحيث تصمم مناهج الأولاد وتكون مختلفة عن مناهج البنات بحيث يحاكي كل منهج المرحلة العمرية التي يتم تدريسها للمنهج من خلال الصور والقصص والحكايات والآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
فكثيرا ما نعلق الآمال على وزارة التربية في غرس القيم والأخلاق التي قد يفتقدها أو يعجز عنها بعض الآباء في تربيتهم لأبنائهم، وكثيرا ما نقول إن المدارس هي التي تربي بالدرجة الأولى وهي التي تؤثر في الأطفال نظرا لطول الفترة الزمنية التي يمضيها الطلاب مع مدرسيهم وأقرانهم الطلبة، وهم بالتالي الأكثر تأثيرا في الطالب من سواهم فقد تحقق المناهج التربوية ما قد يعجز الآباء عن تحقيقه، وذلك لأن الطلبة والطالبات غالبا ما يتأثرون بمدرسيهم وخصوصا في المراحل الأولى من حياتهم التعليمية.
اليوم المطالبات بتغيير المناهج أو تطويرها لابد أن تكون مستمرة بين الفينة والأخرى بحيث تتكيف مع ما يستجد في العصر من قضايا ومشاكل وخاصة قضايا العنف ضد المرأة التي لم تتمكن كل منظمات حقوق الإنسان من وصول لنتيجة وحل قطعي لها، وذلك لأن القضية تتعلق بالرجل في سنوات حياته الأولى أن يتعود على عدم تعنيف المرأة واللجوء للعنف لفرض سيطرته عليها، بل انتهاج الحوار الراقي لحل المشاكل.