انقضى شهر الصيام والقيام، شهر الأعمال الصالحات، الشهر الذي ترفع فيه الأعمال بين صائم وقائم ومتهجد الليل والنهار، نسأل الله العلي القدير أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال وأن تعود علينا هذه الأيام المباركة بالخير واليمن والبركات، وأن تكون مناسبة تجتمع فيها الأسر وتؤلف فيها القلوب على المودة والرحمة ليس فقط على مستوى الأسر الصغيرة بل على مستوى الشعوب جميعها، أسأل الله أن تكون هذه الأيام المباركة مناسبة للحمة المسلمين وعصمتهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
في مثل هذه الأيام المباركة الكل يفكر أن يسعد بهذه الأيام السعيدة، فالبعض قد يفكر في السفر أو التنزه أو ارتياد المقاهي والأسواق ولكن الأهم هو ان نمضي هذه الأيام السعيدة مع من نحب في أجواء أسرية دافئة، فكم فرقتنا وسائل الترفيه عن لحمة العائلات وتجمعهم، فالكل بات في الأعياد أول ما يفكر فيه هو التنزه بعيدا عن اجواء العائلة إما مع الأصدقاء أو على مستوى الأزواج دون ان يفكر الكثيرون ببيت العائلة الكبير الذي لابد ان يجمع العائلة كلها على المودة والرحمة، فظاهرة البيت الكبير التي كانت تجمع العائلات في الماضي قليلا بدأت تتلاشى في ظل انشغال الكثيرين في التنزه بعيدا عن أجواء العائلة الحميمية وهذه إن دلت فإنما تشير إلى كارثة اجتماعية باتت تطرق أبواب مجتمعنا، فالإخوة باتوا لا يتقابلون ولا يجتمعون، الكل قد اغلق بابه وهذه بالتأكيد لها إفرازات خطيرة على المجتمع، فصلة الأرحام هذه أمرها واجب على الكبير والصغير، المشكلة أن المشاكل التي تنتج بين أفراد العائلة الواحدة غالبا ما تنتج عنها قطيعة، البعض يكون مظلوما في هذه القطيعة حيث قد تنتج القطيعة من قبل أفراد لا يريدون التواصل فكثر من هم يقومون بالمبادرة في صلة الرحم إلا أنهم لا يقابلون بتفاعل من قبل الاطراف الآخرين وهنا أمر الاستمرارية في التواصل من قبل جانب واحد أمرها بالتأكيد ثقيل على النفس وفي النهاية ستنتج قطيعة.
فأنا كثيرا ما أختلف مع المشايخ حين يتم سؤالهم عن صلة الرحم في أناس لا تبادر الاتصال والزيارة بالاستمرارية في هذا النهج، فعذرا ولكن هذا الكلام غير مقبول على الصعيد النفسي وأمرها ثقيل فكيف يتم الاستمرار في التواصل مع من يرفضون التواصل مع الشخص وهنا نكون قد دخلنا في مرحلة الإذلال وبالتأكيد فإن الإسلام ينهى عن الذل والهوان لأي شخص، فلابد أن يكون هناك مقابل للعطاء وهنا يظهر دور المشايخ ووسائل الإعلام في ضرورة التنويه بخطورة قطع الأرحام بذريعة أن الآخر يخلق لنفسه الأعذار في عدم رغبته في التواصل مع أرحامه وفرض على الطيبين المتمسكين في العقيدة أن يستمروا في مواصلة أناس لا ترغب بهم ولكن المشايخ غالبا ما يوقعونهم تحت ضغط نفسي في ضرورة التواصل بحجة الأجر ولكن من الضروري ان يتم التنويه لخطورة الوضع على الأطراف الآخرين الذين ينبذون عائلاتهم وقد اعتادوا على الطيبين من أفراد العائلة في تواصلهم معهم.
فلابد حين الحديث عن صلة الأرحام بضرورة التأكيد على الأطراف جميعها أن تتواصل مع من يبادر فكثير من الحالات شهدتها بنفسي يكون المتدين يتواصل مع أشخاص لا يبادرونه بالسؤال ولا يتواصلون معه وتكون النتيجة قطيعة الأرحام وهنا يكون الذنب بالتأكيد مضاعف على مثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يخافون الله ولا يحتكمون لما جاء في تعاليم كتابه.
بحيث من الضروري ان يعلم أي متدين أنه متى ما بادر وقوبل بالرفض من قبل الآخرين فهو بريء من ذنبهم وعليه أن يعز نفسه، فهذا هو الإسلام دين العزة والكرامة وليس كما يصور البعض في ان يهين المرء ذاته ويتعرض بعدها لأن يعتبر الأشخاص الطيبين بأنهم سفهاء فالتواصل لابد أن يكون متبادلا.