تطفو أزمة التعليم بين الفينة والأخرى كأحد أبرز الأمراض التعليمية التي يعاني منها المجتمع وهي أزمة باتت تطل بظلالها على العديد من الدول التي باتت تتضرر من جراء بعض الجامعات التي تبيع الشهادات الوهمية بصيغة قانونية.
فنجد كما تم تداولها في كثير من المناسبات ان هناك جامعات لا يداوم الطلبة خلالها ثم بعد ذلك يتخرجون فيها ويحصلون على شهادة البكالوريوس والدراسات العليا دون أن يكون هناك انتظام في التعليم وحضور المحاضرات فضلا عن أن نظام الانتساب قد تم إيقاف الاعتراف به في كثير من الجامعات التي تمنح شهادات البكالوريوس للطلبة ثم بعد ذلك يعود مثل هؤلاء الطلبة لبلدانهم مع مطالبة بمعادلة الشهادة وممارسة بعض المهن الفنية التي تم الحصول على اثرها على الشهادة دون أن يكون هناك كفاءة في الحصول على التخصص لممارسة المهنة والحصول على كل العلاوات والبدلات ومساواتهم مع الطلبة المجتهدين الذين التزموا بحضور المحاضرات مع دراسة كتب كاملة مقابل ما يتم بيعه وتسويقه في مثل هذه الجامعات بحيث يدرس الطلبة مذكرات لا تتعدى العشر صفحات ثم بعد ذلك يدخل الطبلة الامتحان في العشر صفحات وينجح وينتقل للسنة التي تليها وبقية المنهج المقرر بالتأكيد لم يطلع عليه مثل هؤلاء الطلبة وهنا تكمن الكارثة العلمية فلا يوجد محصول علمي، وليس هناك التزام بحضور محاضرات ثم بعد ذلك نساويهم بالمجتهدين.
فنجد أن الدولة تحرص على الإمساك بالطلبة الغشاشين وعدم تسريب الامتحانات وتحكم قبضتها محليا على الطلبة في التعليم الحكومي والخاص وأجهزة تفتيش ذاتي على الطلبة المحليين وكأنهم إرهابيون وليسوا طلبة وكل ذلك حتى تمنع الدولة الغش في الامتحان وتنتقي النخبة من الطلبة لتحصل بالتالي على موظفين أكفاء يؤدون أعمالهم بكل أمانة فتتمكن من الارتقاء بجودة الأداء المهني لتتمكن الدولة من مواكبة الدول المتقدمة.
ولكن في المقابل نرى ان أناسا يدرسون في الخارج ويأتون بشهادات وهم في الكويت لم يخرجوا منها سوى فترة الامتحانات ثم بعد ذلك ينافسون المجتهد الذي لم يغش ويقفون بمحاذاته في كل شيء، بل إن البعض قد يقلد مناصب ويحصل على امتيازات أكثر من خريجي الكويت الذين درسوا في جامعاتها وكلياتها.
بالنسبة لي أجد أن الرقابة على مثل هذه الجامعات في بعض الدول العربية لابد أن تلقى اهتماما أكبر من الأليسكو بحيث يتم تكثيف الاجتماعات مع وزارات التعليم العالي لجميع الدول العربية المنظمة للأليسكو لتوحيد أنظمة التعليم وتشديد الرقابة على تسريب الامتحانات في مثل تلك الجامعات وتوحيد معايير واضحة ومنضبطة حتى نضمن جودة التعليم في الوطن العربي.
فالمشكلة ليست مشكلة الحصول على الأموال والترقيات الوظيفية فقط، ان الأزمة تكمن في أن الاستمرار على هذا النهج يفسد مستوى التعليم في الوطن العربي ويعمل على أضعاف الكفاءة وجودة الأداء، هذا فضلا عن تفشي الجهل في أوساطنا العربية.
فالجهل بالنسبة إلي ظاهرة جديدة توزاي الأمية، ففي السابق كان لدينا أميون لا يقرأون ولا يكتبون وقد وضعت الدول كل جهودها لمحو الأمية في الوطن العربي ولكن اليوم لدينا أناس يقرأون ويكتبون ولكنهم جهلة، وذلك لأن العلم لم يدخل في رؤوسهم فهم يحملون شهادات ولكن بلا قيمة علمية تنعكس على مستواهم العلمي والأخلاقي وبالتالي فهم جاهلون.
وعليه فمن الضروري أن يتم طرح مثل هذه المواضيع في جدول أولويات منظمات التعليم لدينا للحد من الكوارث الأخلاقية التي باتت تؤرق مجتمعاتنا فنحن لننهض ونخطي عتبة الامية ونكون دولا متقدمة، لن يساعدنا مثل هؤلاء الغشاشين ودكاكين الشهادات في النهوض بأوطاننا، وعليه فمن الضروري ان توضع خطة تربوية كاملة للحد من هذه الظاهرة قد يكون أبرزها دعم هذه المؤسسات والجامعات التي تبيع الشهادات بالمال حتى تستغني عن التربح من بيع الشهادات.