لم تعد النظرة إلى الدول تعتمد وحدها على الملاءة الاقتصادية والعسكرية وحسب، بل مع تطور المجتمعات بات الحديث الأهم هو ما تحمله الدولة من ثقل علمي يمكنها من محاربة العديد من الآثار السلبية التي تحملها الظروف الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي تعتري الكثير من الدول.
ولا يزال الطب أحد اهم الروافد التي تجعل للدول ثقلا علميا كبيرا في الأوساط الدولية نظرا لأن تقدم الدولة على الصعيد العلمي يجعلها مؤهله لأن تعالج الكثير من الحالات المرضية التي قد تتفشى في مجتمعها وفي المجتمعات التي تعتريها ظروف صحية نتيجة الفقر أو الجوع التي تسببها الأزمات.
إلا أن الدولة الأكثر أهمية في العالم اليوم هي الدولة التي يتطور التطبيب بها بشكل كبير فتكون ملجأ للعديد من شعوب العالم حتى يفدوا إليها للعلاج وخاصة ان تجارة الادوية اليوم تعتبر رافدا اقتصاديا مهما تعتمد عليه العديد من دول العالم في اقتصاداتها.
وفي نظرة محلية نجد أن العلم والتكنولوجيا قد وصلوا في وقت غير باكر لشعوبنا وهو ما جعل الكثير من العالم يطلق علينا دولا نامية وذلك للتأخر العلمي الذي نعاني منه، فنحن لا نمتلك ملاءة اقتصادية وعلمية على السواء والسبب أن العلم متأخر لدينا وهذا ما يضعف موقفنا فنعتبر بالتالي دولا نامية.
أعتقد ان الأمر بحاجة إلى قرار واحد في اكثر من مجال للتقدم العلمي وقد يكون احدها هو تأسيس الهيئة العامة للدواء لدينا حتى يكون من ضمن اختصاصاتها البحث العلمي واكتشاف الأدوية الخاصة بالأمراض وأن تفتح أبوابها لاستقبال خريجي الكيمياء والفيزياء والبيولوجي وغيرها من تخصصات كلية العلوم التي اختزلت فرص العمل لخريجي هذه التخصصات إما في مختبرات وزارة الصحة او مدرسين للمواد العلمية في وزارة التربية على الرغم من الصعوبة البالغة في دراسة مقررات هذه التخصصات فهو يؤهل الخريجين للبحث والتجربة العلمية بالدرجة الأولى إلا ان خلق فرص عمل تتناسب مع تخصصاتهم هذه تشكل معضلة إلى اليوم وذلك بسبب عدم توحيد التوصيف الوظيفي لمثل هؤلاء الخريجين.
بيد ان ليس التوصيف الوظيفي الذي يحتاج إليه مثل هؤلاء الخريجين حتى يقدموا جديدهم فنحن بحاجة إلى فتح مجال البحث العلمي الفني المتخصص في مجالات دقيقه كالدواء على سبيل المثال، فالبعض قد يقول إن الأمر قد يحدث تضاربا مع معهد الكويت للأبحاث العلمية على الرغم من اختلاف التخصصات فتأسيس الهيئة العامة للدواء سيكون ليس من اختصاصه إقامة الأبحاث وحسب بل التجربة العلمية واستمرارية التجربة حتى يتم التوصل إلى نتيجة معينة حتى لو استغرقت التجارب سنوات للوصول إلى نتيجة بحيث يكون الهدف من تأسيس الهيئة العامة للدواء هو انشاء هيئة عامة متخصصة بالدواء من جميع جوانبها سواء أكانت البحثية او من خلال استقطاب المتخصصين في هذا الجانب على الصعيد العالمي والاستفادة من خبراتهم أو حتى عقد المؤتمرات الطبية المتخصصة بأنواع العلاجات هذا فضلا عن تأسيس موقع إلكتروني للرد على استفسارات الجمهور بشأن الأدوية وطبيعتها وآثارها الجانبية في حالات سوء الاستخدام ومحاربة الأدوية المغشوشة.
إن الكثير من الاختصاصات يمكنها ان تضاف إلى الهيئة العامة للدواء متى ما تم تأسيسها والعمل على إعداد توصيف وظيفي خاص بها وغاية محددة ومعلنة لا يتم التنازل عنها في مرسوم تأسيسها ألا وهو الوصول إلى العلاجات الخاصة بأكثر الامراض والأوبئة التي تعاني منها المجتمعات ولم يتم التوصل لعلاج لها.
فقد يكون لتأسيس مثل هذه الهيئة النقطة الرئيسية التي لابد أن نضعها في عين الاعتبار ألا وهي تحفيز الباحثين والمتخصصين من البحث الذي يوصل لنتيجة والبحث الفني المتخصص بحيث يتم اجراء التجارب كما هو حال العديد من الهيئات في دول العالم حيث من الضروري تأهيل العاملين للوصول للهدف العلمي المنشود.