لايزال قانون الجزاء الكويتي بحاجة الى الكثير من التعديلات حتى يكون قادرا على مواكبة ما يستجد من قضايا، فيتم تخفيف بعض العقوبات عن الأفعال التي كانت تشكل جريمة في السابق ولكنها لم تعد اليوم، وعلى غرار ذلك فما كان مباحا في السابق يصبح مجرما وتشدد العقوبات عليها وفقا لمستجدات العصر.
إلا أن كل العقوبات المفروضة في قانون الجزاء مازال الكثير من يتناولها على طاولة الجدل، وبالأخص أن الكثير من العقوبات المقررة، فيها مخالفة صريحة لأحكام شرعية وردت في الكتاب والسنة النبوية الشريفة، وعليه فإن عدم تطبيق ما جاء به في شأن العقوبات الشرعية لا تؤثم عليه الحكومة وحدها بل أعضاء السلطة التشريعية الذين لم يكيفوا القضايا وفقا لمبادئ العقوبات الشرعية وتطبيقها كما جاءت بصورة واضحة على الرغم من اعتماد المادة الثانية بصورة صريحة على ان دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع وعلى الرغم من ذلك إلا اننا نجد أن الجانب شبه الوحيد الذي طبقت فيه الشريعة هو قوانين الأحوال الشخصية والمواريث وحتى هذه القوانين تم استنباط أحكامها بصورة مخالفة للصورة المذهبية المعتمدة فهي جعلت القوانين خليطا من جميع المذاهب واعتمدته في قانونها والإثم يتحمله الناس كل ومذهبه، فنجد في قوانين الأحوال الشخصية المشرع أخذ بما هو مباح لدى كل مذهب من المذاهب الأربعة سواء الحنفية أو الشافعي او المالكي أو الحنبلي فالذي يكون مباحا لدى الشافعي ومحرم لدى الحنبلي على سبيل المثال أخذه قانون الأحوال الشخصية على مبدأ ما ييسر على المواطن ولا يشق عليه على الرغم من ضرورة اعتناق المذهبية وتطبيقها، إلا أن كل هذه الأمور يجهلها عموم الناس ولكن هذا الوزر يتحمله أعضاء السلطة التشريعية بالدرجة الأولى لأنه كما أشرنا انهم معنيون بغربلة القوانين ومراجعتها إلا أن الاهتمام الأول لديهم بعيدا تماما عن دورهم الرئيسي في التشريع.
فاليوم على سبيل المثال نحن بحاجة إلى إلغاء القانون الذي يعتبر أن من يحصل على الكهرباء والماء بدون إذن الوزارة سارق ويطبق عليه قانون العقوبات في هذا الشأن بحيث من الضروري ان يلغى هذا التصنيف ولا يجرم الفعل نظرا لأن مقومات السرقة لا تنطبق على مثل هذه الأفعال وبالأخص لأن الكهرباء والماء يشكلان عصب الحياة لدينا، فمع ارتفاع حرارة الشمس التي يصل معها الحال الى الهلاك بدون كهرباء وماء يصبح تصنيف من يحصل على الماء والكهرباء بدون إذن بأنه سارق هذه لا نستطيع ان نتقبل وصفها وبالأخص بأن الخدمة بالأساس موجهة للعموم وليست ملكا لشخص وبالتالي فإن أي مواطن او مقيم موجهة له هذه الخدمة ولكن حصوله عليها بدون إذن هنا تدخل ضمن القضايا المدنية بحيث يدفع كل من يحصل على الكهرباء والماء بدون اذن مسبق من الوزارة غرامة وتعويضا للوزارة وتتم المطالبة بها في المحكمة المدنية.
فأحيانا كثيرة يقوم البعض بأفعال يجهل بأنها جرائم وعلى الرغم من ان الجهل بقانون الجزاء لا يتم إعذاره في الكويت إلا أن على الدولة بالتالي مسؤولية تثقيف المجتمع بقانون الجزاء حتى لا تتم محاسبتهم على جهلهم بالقوانين.
فنجد ان قانون الجزاء يتم الإعلان عنه في الجريدة الرسمية وإذا ما بحثنا عن عدد قراء الجريدة الرسمية سنجد أنه لا أحد على الإطلاق يقرأها إلا فئة قليله من المهتمين وبالأخص في الشأن التجاري وليس لمتابعة قوانين الجزاء.
لذا كانت فترة من الفترات وزارة الداخلية تقوم بمثل هذا الدور الإعلاني لبعض القوانين عن طريق إدارة العلاقات العامة والإعلام لديها إلا انها تنشط أحيانا وتختفي في أحيان أخرى مع أنه يتوجب عليها تنوير المجتمع وتثقيفهم بقانون الجزاء حتى لا يطالهم القانون بجهلهم به.