تطل علينا بين الفينة والأخرى أزمة العجز في الموازنة العامة للدولة والتي تكون نتيجة مباشرة لانخفاض أسعار النفط، فبتنا نعرف مسبقا ونستشف مستقبلا الموازنة العامة للدولة من خلال أسعار النفط، فإذا وصلت الى خمسين دولارا بدأت الأصوات تعلو بحلول عجز في ميزانية الدولة، وإذا شارفت على المائة دولار نكون في مأمن ومتانة اقتصادية، ولكن إلى متى سنبقى على هذا الحال؟
إلى متى سنبقى دولة ينحصر اقتصادها في البترول وأين دور الهيئة العامة للاستثمار لسد العجوزات التي تنشأ نتيجة انخفاض أسعار النفط، فنحن حين نتحدث عن ميزانية الدولة نتكلم فقط عن مبيعات شركات البترول لدينا ولكن الهيئة العامة للاستثمار دورها مغيب وكأن وجوده من عدمه سيان في التأثير على دعم موازنة الدولة فكثيرا ما يتم الحديث عن ضرورة إيجاد بدائل لدعم ميزانية الدولة، وعلى الرغم من وجود هذه البدائل والتي تقوم بها الصناديق الاستثمارية للدولة إلا أن طبيعة تكييف موازنة الدولة بها غموض، فإما ان تكون أموال الهيئة العامة للاستثمار فعلا تعتبر رافدا اقتصاديا يعمل بدوره على سد عجوزات الميزانية وإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار ولكن الإعلام يغيب دوره وأثره وإما أن تكون الهيئة العامة للاستثمار وبقية الجهات الاستثمارية لا تحقق أرباحا كافية، وعليه فالأمر غير معلوم للمواطنين نظرا لأن ما ينشر عن ميزانية الدولة لا يتمتع بشفافية كافية لتتم معرفة حقيقة العجز الذي تنادي به وزارة المالية باستمرار.
الأمر الآخر، حين تم الوصول لذات العجز منذ سنوات ليست طويلة تم اللجوء للاقتراض من البنوك المحلية هذا فضلا عن بيع السندات الدولية اليوم متى ما واجهنا العجز ذاته نأمل أن يتم بيع السندات محليا على المواطنين كفرصة استثمارية ولكن بدون فوائد نظرا لأن الكثير ممن يرغبون في شراء مثل هذه السندات لن يقبلوا عليها متى ما كان بها فوائد ولكن إذا كان المقابل بها أسهم وأرباح بلا فوائد فأتوقع أنها ستلقى رواجا محليا كبيرا نظرا لأن الكويتيين أولى بدعم اقتصادهم من الآخرين، نظرا لأن الفوائد التي ستدفعها الدولة في حالة بيع السندات دوليا ستسبب عجزا جديدا للموازنة نحن في غنى عنه.
الأمر الآخر أن وضع خطط وبدائل استراتيجية لدعم موازنة الدولة يحتاج إلى يقظة دوما، وهو ما يعني أننا بحاجة إلى الاستثمار في الجوانب التي تحقق أرباحا كافية ومضمونة، فتوجه الدولة لتأسيس صندوق للتكنولوجيا كانت فكرة أكثر من رائعة ونحن فعلا كنا بحاجة لمثل هذا الصندوق لأن هذا الاستثمار هو الذي يحقق أرباحا اليوم، ولكننا في المقابل بحاجة لعمل حقيقي، فالدخول في عالم صناعة التكنولوجيا في ظل توقيع العديد من الاتفاقيات مع الصين أصبح ليس بعسير ولكن بحاجة إلى دعم واستمرار.