كثرت الشكاوى في المحاكم بين مدّع ومدعى عليه، فالكل ينادي بأنه صاحب حق، فالخصومة القضائية باتت شائعه اليوم في شتى حقول القانون وتبقى عملية الإثبات هي المعضلة في كل قضية على من تثبت، البينة على من ادعى أو على من ادعى عليه.
فعلى الرغم من اننا في عصر التكنولوجيا إلا اننا ما زلنا امام طرق إثبات محدودة في بعض القضايا وبالأخص في الادعاءات المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وذلك لأن المشرع قنن وسائل الإثبات في الادعاءات غير الجزائية وحصرها في مجالات محددة، فعلى سبيل المثال في القضايا المدنية أي مبلغ يطالب به المدعي يتجاوز الخمسة آلاف دينار لا يقبل الإثبات سوى المكتوب وما دون الخمسة آلاف دينار فممكن إثباته بطرق متنوعة، ولكن المشكلة في ان اليوم عملية الإثبات الكتابي وبالأخص في الادعاءات بين الأقارب تعتبر معضلة وبالأخص انه من النادر ان يتم إثباته كتابيا ولكن قد يكون موثقا في تسجيلات صوتية أو رسائل إلكترونية أو شهود، إلا ان التشريع قنن الإثبات فيما يتجاوز الخمسة آلاف بالكتابة وليس هناك مبرر لمثل هذا التقنين الذي يصعب عملية التقاضي في الأمور المدنية.
الأمر الآخر الكل يعرف ان الجهل بالقانون هو السمة الشائعة بين جميع أطياف المجتمع وذلك لأن القلة هي التي لديها ثقافة قانونية، وبما ان المشرع قد يعذر بالجهل بالقانون إلا في قانون الجزاء كون ان الجهل بقانون الجزاء لا يعذر لأن مجمل القضايا المرفوعة في الشق الجزائي تعنى بالأخلاق لأنها متعلقة بالتربية بالدرجة الأولى، ولكن فلننظر إلى القضايا الأخرى غير الجزائية والتي قد تكون في بدايتها قضية أحوال شخصية أو مدنية على سبيل المثال أو تجارية ثم تتحول إلى جزائية ويكون سببها بعض المحامين سامحهم الله، فعلى سبيل المثال الكل يعرف ان قضايا الطلاق شائعة بشكل مخيف في المجتمع، والبعض يعرف وليس الكل أن الطلقة الأولى بين الزوجين وإن كانت مثبتة في المحكمة إلا ان الزوج يحق له ان يراجع زوجته من دون عقد جديد ولم يحدد المشرع تاريخا محددا في عملية إثبات المراجعة وتركه مفتوحا، وهناك مع الأسف بعض الأزواج من يتلاعب بزوجته فقد يراجعها ثم ينكر مراجعتها، فبعض المحامين قد يعتبر أن المراجعة بما انها لم تثبت في المحكمة فالمرأة بالتالي على الصعيد القانوني قادرة على الزواج بآخر وهنا مكمن الكارثة لأن المرأة في هذه الحالة إذا تزوجت يستطيع الزوج ان يرفع عليها قضية زنا وجمع بين الأزواج وهنا تحولت القضية من أحوال شخصية إلى جناية وعليه فيجب تجريم المحامي الذي يدلي بمعلومات قانونية خاطئة لموكليه حتى نحمي أفراد المجتمع من الوقوع ضحايا ويطالهم قانون الجزاء بسبب الاستشارة القانونية الخاطئة التي قد يدلي بها بعض المحامين.