بدأت الأصوات في السنوات الأخيرة للمطالبة من قبل العلمانيين لدينا بضرورة إغلاق كلية الشريعة، فسبحان الله! اليوم يطالبون بإغلاق كلية الشريعة وغدا يطالبون بإغلاق المساجد، وهذا أمر لا استبعده من قبل أناس لديهم مشكلة رئيسية مع كل مشتقات الدين.
ولننظر إلى المطالبات الأخيرة في عدم حاجة الدولة لخريجي الشريعة وتكدس الخريجين من دون وظائف، على الرغم من أن خريجي الشريعة أكثر الخريجين الذين لديهم وظائف تنتظرهم سواء في وزارة الأوقاف أو الأمانة العامة للأوقاف أو النيابة أو وزارة التربية، فمجالات عملهم واسعة نظرا لأن الشريعة بابها واسع، وبما ان الدولة في المادة الثانية من الدستور قد أقرت أن دين الدولة هو الإسلام، ولأن عقيدتنا لا تعنى فقط بأمور الصوم والصلاة بل هي منهج دولة، إذن فنحن بحاجة إلى خريجي هذا التخصص للعمل في مجالات متعددة ومتنوعة.
ولو نظرنا إلى بقية التخصصات الجامعية سواء المندرجة تحت كلية الآداب أو العلوم الاجتماعية أو كلية العلوم نجد أن خريجيها لا يسببون إزعاجا للبعض، على الرغم من انهم يعانون من البطالة أكثر من خريجي الشريعة فهم حقيقة لا فائدة منهم في ظل ازدياد معدل الخريجين منهم، ومجالات عملهم محدودة، فأغلب الخريجين يعملون في غير تخصصهم، فلماذا لا نرى هجوما وحملات عليهم لإغلاقها، كما نرى أننا بحاجة لخريجي الشريعة أكثر من سواهم.
إن الأمر المحزن هو أن تصدر مثل هذه المطالبات من أبناء جلدتنا وهم مسلمون ويفترض أن تكون لهم غيرة على شريعتهم، بل أنا أطالب بأن تفتح كلية الشريعة أبوابها لحملة التخصصات الأخرى لمن يرغب في أن يحصل على تخصص الشريعة كتخصص جامعي ثان أو ثالث، وذلك لأجل التفقه والازدياد في طلب العلم الشرعي حتى يعرف المرء دينه ويتفقه فيه.
إن مشكلة البطالة والعمل في غير التخصص هذه لا علاقة لها بنوعية المخرجات، فالمسؤولية يتحملها ديوان الخدمة المدنية نظرا لأنه هو المعني بحل مشكلة البطالة وإيجاد تصنيف وظيفي يتناسب مع مخرجات التعليم نظرا لأن دور وزارة التعليم هو مواكبة التقدم وتقديم العلم وإتاحة الفرصة للطلبة لدراسة التخصص الذي يتناسب مع ميولهم وقدراتهم، أما مسؤولية نوع الوظيفة التي سيشغلها هذا الخريج فهي مسؤولية ديوان الخدمة المدنية لأنه المعني بتوصيف الوظائف، حتى لو كان العمل لا يناسب التخصص، فعلى ديوان الخدمة المدنية ان يطور من آلية العمل في الحكومة وإيجاد وظائف تتواكب مع مخرجات التعليم، وهذا الدور من المفترض أن يقوم عليه القائمون بإعداد الخطة الخمسية للدولة والمجلس الأعلى للتخطيط.
لذلك أرجو ألا نترك كل مخرجات التعليم، ويتم النظر فقط لخريجي الشريعة على اعتبار انهم يعانون وحدهم من البطالة.