مضى عام وعادت إلينا أفراحنا أدامها الله علينا جميعا، أيام العيد الوطني وعيد الاستقلال التي تغمر قلب كل مواطن بالفرح والسرور، الأولى لأنها تحمل في طياتها تاريخ الاحتفالية باستقلال الدولة وتمتعها بسيادتها المطلقة على أراضيها دون وصاية أي كان، والثانية التي تلازمت في مصادفة غريبة وهو يوم 26 فبراير يوم تحرير الدولة وانتصارها في حربها ضد النظام الصدامي البائس الذي اغتصب أراضيها، فنصرنا الله عليه وهذه الفرحة التي تغمر قلوبنا في كل عام ذكرى النصر المجيد على براثن اعتداء صدام وأعوانه على أراضي الكويت وشعبها.
ولا يسعنا في هذه الذكرى المجيدة إلا أن نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لسمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد وسائر الشعب الكويتي على أعيادنا الوطنية، أعادها الله علينا في كل عام بموفور الصحة والعافية على الجميع.
وفي كل عام في مثل هذا اليوم لابد أن نضع لنا أرشيفا لما أنجزناه في العام الذي مضى، فما الذي قدمناه لوطننا حتى ننهض به بين سائر الأوطان؟ البعض يعتقد بأن المواطن غير قادر على مساندة وطنه، لذلك يتخذ الكثيرون دورا سلبيا على اعتبار أن المواطن غير قادر وحده على البناء.
وهذا الاعتقاد في حقيقته يخالف أول أساسيات مفهوم الدولة، فالدولة ليست كيانا ماديا قائما بذاته بل في تعريفه هي بقعة من الأرض محددة الإقليم لديها سلطة ويسكنها شعب، وهذا الشعب هو الدولة حقيقة، لأن الدولة بحكومتها وشعبها ما هي إلا المواطن، فكلما كان المواطن ناجحا ويطور من إمكانياته ويؤدي عمله بأمانة كانت الدولة في مثلى حالاتها.
فكثير ما يعتقد البعض بأن الحكومة كيان منفصل عن المواطن، وهي في الحقيقة مع المواطن وجهان لعملة واحدة، فمتى ما صلح حال المواطن كانت الحكومة في مثلى حالاتها وكانت حكومة قوية وناجحة، ومتى ما كان هذا المواطن ليس في أحسن حالاته ضعفت الحكومة وتردت أحوالها.
ومن هذا المنطلق تحديدا يجب علينا أن نعلم جميعا أن الدولة أبدا لن ترتقي دون أن نرتقي نحن أولا، ولن يتم غرس سنبلة واحدة في أرضها دون أن يأخذ المواطن هذه السنبلة ويغرسها في أرضها، ولن تنبت هذه السنبلة دون ان يقوم من زرعها برعايتها وسقايتها حتى تنبت وتتم الاستفادة منها.
لذلك، فإن الدولة بقعة من الأرض، إذا لم يقم شعبه بإعمارها ورعايتها وتجميلها فأبدا لن تتقدم، لذلك ففي ظل هذه المناسبة الجميلة التي تمر علينا في كل عام، ليستطرد كل منا ذكرياته في العام الذي انصرف ويسأل كل امرئ منا نفسه، ماذا قدمت أنا لوطني كي اعمره، البعض ـ سامحهم الله ـ لا يفكر سوى بالأخذ من هذا الوطن دون ان يقدم شيئا له، لذا فلنفكر كيف نعطي قبل أن نأخذ من هذا الوطن.