يعتقد البعض حين نتكلم عن خطوات بناء الدولة وإعمارها أنها تتحقق بالخطط المكتوبة على الأوراق والتي تنتج بدراسات ونتائج من اجتماعات القائمين على الخطط التنموية بالدولة إلا أنها حقيقة لا بد أن تترجم بسلوك وخطوات وأن يشارك فيها المواطن بصورة مباشرة.
فحين نتكلم عن الاستثمار البشري لا بد أن تقابله رغبة شعبية جامحة من أطياف متعددة من المجتمع في المشاركة الحقيقية في مثل هذه الخطوات، بحيث لا بد أن يقتنع المواطن أولا بما ترسمه الدولة ويقوم بتنفيذه وترجمته وإلا فأنا أقولها مقدما جميع خطط الدولة ستفشل إن لم يقم المواطن بالاقتناع بمثل هذه الخطط وترجمتها على أرض الواقع.
المشكلة لدينا أننا مغيبون تماما عما يدور في أروقة المجلس الأعلى للتخطيط وغالبا ما نصطدم بقرارات لا بد أن يشارك المواطن في تنفيذها حتى تنجح وتكون ملامسة لأرض الواقع إلى حد كبير.
ولنا على سبيل المثال المناهج التربوية والخطط التعليمية لماذا لم تنجح اغلب الخطط التي توضع في مثل هذا الجانب؟ ولماذا التعليم مازال متأخرا لدينا؟ على الرغم من توافر كل الإمكانيات التي قد لا تكون متوافرة في دول كثيرة معدل التعليم لديها نجده مرتفعا، بالرغم من أن إمكانياتهم بسيطة وذلك لسبب رئيسي هو أن المتعلم لديهم ليس كما المتعلم لدينا فرغبة التعليم والتحصيل العلمي والتجاوب وتطبيق نتائج الأبحاث العلمية التي يتوصل إليها العلماء هذه يترجمها المتعلمون على أرض الواقع على عكس واقعنا، فنجد أنه للأسف غالبا ما تتم الإشارة إلى نتائج الأبحاث ولكنها لا تترجم على أرض الواقع إذن فما الفائدة؟
بحيث ان كثيرا ما يعتقد البعض أن المواطن مفصول عن الدولة وأنه في وادٍ والدولة في وادٍ آخر مع أننا جميعا في مركب ووادٍ واحد فإما أن نرتقي معا وإما أن نبقى في صفوف الدول المتأخرة إذن التكاتف هو المطلوب بالدرجة الأولى.
فنجد أن أغنى دول العالم واكثرها تأثيرا على الصعيد السياسي والاقتصادي هذه قامت على أكتاف المتعلمين لديهم، فعلى سبيل المثال لولا قيام الثورة الصناعية في بريطانيا لما كانت بريطانيا في يوم ما الدولة التي لا تغيب عنها الشمس، ولولا رواد ناسا وصناع الأسلحة والتكنولوجيا لما أصبحت أميركا الدولة العظمى في العالم، فجميع الدول العظمى على مر العصور لم تقم من خلال السلطة، بل قامت على أكتاف أبنائها المتعلمين الذين نهضوا وعمروا أوطانهم.
فحين نتكلم عن دور التعليم في بناء الدولة، فهذا من المواضيع التي لا ينتهي الحديث فيها، لأنها حقيقة هي التي ترقى بالأوطان لأن التعليم ينتج عنه أدوية وتنتج عنه مصانع وتنتج عنه تكنولوجيا فتنتعش حركة التجارة من جراء التعليم، وكثيرا ما نلقي بضعف التعليم على وزارة التربية وحدها، ولكن الواقع يقول إنها ليست وحدها المسؤولة، بل المسؤولية تقع أولا على كاهل المتعلمين لأنهم ركيزة العلم.