يعاني الإعلام المرئي لدينا من قلة الأهداف الاستراتيجية التي يرمي إلى تحقيقها، فمن الواضح ان الأهداف التربوية والتعليمية والمجتمعية التي من المفترض ان ينبغي على أي وسيلة إعلام مرئية تحقيقها، غائبة تماما عن ذهن القائمين على إعداد وتقديم البرامج في القنوات الفضائية الرسمية والخاصة لدينا.
وذلك لأن البرامج التي تعرض حاليا سواء في تلفزيون الكويت او القنوات الخاصة سفهت المواطن لدرجة كبيرة، فمن يسع إلى مشاهدة برنامج يشعر من خلاله بالاستفادة سواء على الصعيد الثقافي او الاجتماعي أو السياسي أو التعليمي لا يجد مبتغاه، ومعظم البرامج مع الأسف تحولت لتضيع وقت المشاهد وليس للاستفادة على اعتبار أن البرامج التي تعرض هي التي تلقى رواجا شعبيا بين المواطنين، فتتم استضافة مشاهير «السوشيال ميديا» والفنانين على اعتبار أن هؤلاء هم رواد المجتمع، وهؤلاء من يبحث عنهم كل المشاهدين متناسين أن الإعلام مرآة المجتمع، وهذه الرسالة السامية التي يرمي إليها الإعلام دائما.
إلا أنه ومع الأسف الشديد فالقنوات الفضائية لا تعكس واقع المجتمع ولم تعد مرآة للمجتمع بحيث يتم إظهار صورة غير حقيقية عن واقع المجتمع الكويتي وعاداته وتقاليده، وهذا أيضا يشمل معه بعض المسلسلات التي عرضت والتي ستعرض، والتي لا تعكس واقع الأسرة الكويتية فهي بعيدة تماما عن الواقع، وإن كانت تعكس واقع الفئة القليلة في المجتمع.
أحيانا، يتم التساؤل هل هذا الوضع مقصود من قبل القياديين في وزارة الإعلام بإظهار المجتمع الكويتي على غير حاله وواقعه لأجل أغراض سياسية مقصودة؟! أم أن الهدف هو عدم إظهار الجانب المشرق والإيجابي في الدولة من خلال عرض كفاءات الدولة، أو الهدف هو تحفيز الأجيال المقبلة على اتباع خطى مشاهير «السوشيال ميديا» بجعلهم قدوة يحتذى بها من خلال تكريمهم وإلقاء الضوء عليهم حتى يتشجع البقية على أن يخطو خطواتهم، فدائما ما يعرض على المشاهد، وأنا أقولها دائما لأنها أصبحت دائمة وغير متقطعة، هو الشيء غير المهم، أما الشيء المهم الذي يعطي انطباعا إيجابيا عن مجتمعنا فلا يتم عرضه!.
البعض يعتقد أنه بهذه الطريقة يعكس واقع المجتمع ويلبي متطلبات الجمهور، ولكن حين تتحدث عن اساسيات استراتيجية صناعة الإعلام في أي دولة فلابد ان يكون الإعلام موجها للمجتمع، وألا يكون همه تسلية المجتمع وتلبية ما يطلبه الجمهور، وإلا فما فائدة أن يتم تخصيص كلية لتدريس الإعلام وتحضير الدراسات العليا فيه إذا لم تتم الاستفادة مما وصل إليه العلم في هذا الجانب؟!
البعض يتخذ الإعلام وسيلة للتكسب، والبعض الآخر يكتسب بالإعلام وسيلة وسلاحا لمحاربة الفساد، والبعض يتخذه لبناء المجتمع وتقويم الأخطاء، فليس الهدف من رصد ميزانية لوزارة الإعلام وتخصيص مبالغ ضخمة للبرامج أن تعرض على المشاهد برامج سطحية لا تلبي تطلعات المجتمع أو ترتقي به وتحقق الأهداف، وإلا فليتم توفير ميزانية البرامج وإلغاؤها عوضا عن عرض ما لا يحقق تطلعات المشاهد.