أي نعم ان الأفكار التطويرية ضرورية للمواطن حتى يكون رافدا لتعديل دخله والتحسين من المستوى المعيشي للأفراد وإعانتهم على تخطي العقبات الاقتصادية التي تواجه بعض الأسر إلا أنه ليس دائما كل الأفكار تصلح للتطبيق في الواقع العملي.
ولنا على سبيل المثال صندوق المشروعات الصغيرة الذي أتى بمبادرة توفير وخلق فرص عمل وظيفية للمواطنين من خلال تمويل مشاريعهم الصغيرة، ومنذ بداية انطلاقة هذا الصندوق لم أتشجع إليه لعدة تداعيات أهمها أن الخوض في عالم الأعمال لمن ليس لديه رأسمال سيزيد من الأعباء على الدولة ولن يكون حلا لها.
فإذا كان كبار التجار والاقتصاديين لدينا يشكون ويعانون من الأزمات الاقتصادية، وأكبر المؤسسات تعاني من تزايد معدل الانكماش وهم مؤسسات وشركات ضخمة وضعت فيها أموال بالملايين ولم تحقق أرباحا، نأتي اليوم لأفراد عاديين لا يملكون رؤوس أموال كافية بل قاموا بالاستدانة واللجوء للاقتراض لتمويل مشاريع اغلبها مكررة ونأتي في المقابل نطالبهم اليوم بالسداد نتيجة تعثر مشاريعهم.
فعوضا من أن يحل الصندوق أزمة زاد من الأعباء على الدولة، فاليوم مع تعثر المشاريع وعدم تمكن أصحابها من السداد هل ستلقي بهم الدولة في السجن لأن مشاريعهم فشلت؟ بالتأكيد لا بد أن يتم النظر لمثل هذه القضية من زاوية أخرى فهم ليسوا سراقا ولم يكونوا موظفين وفصلوا من وظائفهم لتقاعسهم وبالتالي لم يلتزموا بالسداد، بل هؤلاء أشخاص وثقوا بفكرة الصندوق وعلقوا عليه آمالا، وبالتالي فشلت تجارتهم فالسؤال الذي يطرح نفسه من سيسدد للبنوك؟
المشكلة أن الحكمة لا يتمتع بها كل الأفراد وبالتالي هناك الكثير من الأشخاص من يخطون خطوات دون أن يحسبوا العواقب الوخيمة لها فأنا متأكدة من أن كل من بادر في التسجيل بمثل هذه المشاريع كان يعتقد أن مشروعه سيربح على الرغم من أن في عالم الأعمال المفروض أن يتم توقع الخسارة قبل الربح، ولكن لأن الكثير من الأشخاص يعتبر التفكير في الفشل نوعا من التشاؤم بل أن التفاؤل مفتاح الفرج فيخطون بمثل هذه الخطوات ويغرق وبالتالي يطلب ممن حوله إنقاذه.
المشكلة أن الكل لدينا يحب الاستدانة سواء لحاجة أو لغير حاجة، فاللجوء للاقتراض هذه سمة الغالبية دون التفكير بانها محرمة شرعا، وما هو محرم شرعا بالتأكيد فإن الله لن يبارك فيه وها نحن كل يوم يزيد عدد المدينين لدينا بشكل مخيف فهل سنضع لو وصل عدد المدينين مائة ألف مواطن هل سنضعهم جميعهم بالسجن؟
وحتى ولو قررت الحكومة التعسف فأي سجن الذي سيسع هذا العدد الهائل من المواطنين المتعثرين بالسداد وبالأخص أن هؤلاء ليسوا مجرمين، ولكن مدينين يقع على عاتق البنوك التي قامت بإقراضهم مسؤولية التحقق من جديتهم في السداد حتى تقرضهم، فبالأمس كان لدينا فئة المقترضين المتعثرين في السداد، واليوم ظهرت لدينا شريحة جديدة وهم أصحاب المشاريع الصغيرة، لذا من الضروري إيجاد حل جذري لهذه الأزمة.