غالبا ما تتحمل الحكومة مسؤولية الكثير من السلبيات التي تشهدها أروقة القطاعات التابعة لها، وقد يكون هذا الأمر منطقيا في ظل الإدارة المركزية التي تتمتع بها الحكومة، ولكن ما هو غير معقول محاولة الحكومة ان تشرع قوانين تهدف من خلالها الى تسهيل عمل إداراتها والتغلب على اغلب العقبات التي تشهدها نظير عدم امتثال بعض العاملين لديها للأحكام الإدارية والأخلاقيات الوظيفية والتي تسفر في بعض الأحيان عنها جرائم متعددة كالتزوير والرشاوي والاختلاس وغيرها.
ويعتبر قانون البصمة الوراثية من القوانين التي تقدمت بها الحكومة قبل ثلاثة أعوام بهدف الكشف عن تزوير الجناسي وأيضا المساهمة في سهولة الكشف عن الجرائم المرتكبة بيسر وسهولة لتحقيق الاكتفاء الأمني.
إلا أن قانون البصمة الوراثية قوبل بالرفض من أطياف متعددة من المجتمع الكويتي وقد أثيرت حوله ضجة إعلامية واسعة مما عطل من تمرير هذا المشروع وقد اتهمت الحكومة حينها باتهامات عديدة كرغبتها في الحد من الحريات والتدخل في الخصوصيات وتحويل المواطنين الى متهمين وغيرها من الاتهامات التي طالت الحكومة والتي كانت بسبب رغبة الحكومة في كشف المزورين والمجرمين لتسهيل عملها إلا انه كما ذكرنا تم رفضه وعدم تمرير المشروع من قبل مجلس الأمة وأطياف متعددة من المجتمع الكويتي.
واليوم وبعد تفاقم أزمة تزوير الجناسي بما يهدد بدوره كيان الأسر الكويتي والمجتمع بأسره نجد ان البعض يرغب في محاسبة سمو رئيس مجلس الوزراء لتقاعص الحكومة عن إيجاد آلية لمعالجة هذه المشكلة.
فكيف يحاسب رئيس الوزراء على قضية مجلس الأمة هو من عطل عمل الحكومة في إيجاد حل لها ثم توجه أصابع الاتهام للحكومة بأنها مقصرة؟ وبالأخص ان تزوير الجناسي البعض منها قضايا قديمة جدا ومنهم من توفي فكيف للحكومة ان تتأكد من خلو ملف الجناسي من التزوير إذا لم تقم بمطابقة البصمة الوراثية وبالأخص أن الحكومة اليوم لا يمكنها ان تستدعي عينات عشوائية من المواطنين لتطلب منهم التدقيق على ماضيهم وسلالتهم للتحقق من بنوة البعض لآبائهم فهذه عملية معقدة وصعبة للغاية.
ففي الأمس كانت هناك قضيتان تتعلقان بالجنسية الأولى هي قضية البدون ممن يدعون انتماءهم للوطن والدولة تتنكر لهذا الانتماء، والقضية الثانية هي المزدوجون والثالثة التي طفت على السطح بصورة تهدد كيان المجتمع ألا وهي المزورون وهي الجريمة الأخطر على الاطلاق نظرا لأنها تتعلق بأسماء العائلات وانتماءاتهم وبالمصاهرات وما يترتب على مثل هذه القضية من آثار قد لا يحمد عقباها إذا لم يتم تكاتف الجهود للفصل في مثل هذه القضية وهي كما ذكرنا مسبقا ليست معنية بالحكومة وحدها لإيجاد حل لها فإذا كان المشرع لا يقوم بتمرير القوانين التي تعتقد الحكومة من خلالها بأنها تقوم بتسهيل عملها فكيف لها ان تحل مثل هذه المشكلة؟ فالحكومة بحاجة لمساندة من المجلس لمعالجة مثل هذه القضايا الحساسة.