إن الحقوق الدستورية التي كفلها المشرع للبرلمان كبيرة وواسعة، إلا أنها محددة في جانبين وظيفيين، الأول هو التشريع وهو الدور المنوط بأعضاء البرلمان، والثاني هو الرقابة من خلال الأدوات الدستورية المتاحة للنائب من خلال توجيه الأسئلة والاستجواب وطرح الثقة وهذه كلها أدوات دستورية تسهل عملية الرقابة إلى حد كبير.
وكانت الكويت لفترة زمنية غير بعيدة غالبا ما تشهد احتقانا سياسيا نظير الاستجوابات والتي ينتج عنها غالبا استقالة الحكومة لتلافي تداعيات الاستجواب المقدم والذي كان يهدف البعض منها إلى النيل من الحكومة وتفتيتها وإعادة تشكيلها بحلة جديدة.
ولا احد ينكر أن الحكومة شهدت نوعا من الاستجوابات الشخصانية البعيدة عن الهدف الرقابي وهذا الكل يعرفه فجميعنا تذوق مرارة مثل هذه الاستجوابات السابقة.
إلا انه اليوم ومع الأدوات التي باتت تملكها الحكومة مع أعضاء المجلس الحاليين فنشهد روح تعاون اكبر بين السلطتين وبالأخص مع وجود الجهات الرقابية التي باتت تستند إليها الحكومة في أي سؤال يطرح حول شبهة فساد.
فمنذ أن تأسست الهيئة العامة لمكافحة الفساد حملت نصف الحمل عن الحكومة بحيث البلاغات المقدمة لها والإحالات للنيابة وغيرها باتت تخفف من الحمل الذي كان يقع على كاهل الحكومة وحدها في مواجهة شبهات الفساد.
فاليوم نجد أن أي شبهة فساد أو تجاوزات باتت قبل أن تهاجم الحكومة بسببها أو يقدم استجواب للوزير المعني أصبحت الهيئة العامة لمكافحة الفساد هي التي تقوم بمثل هذا الدور، وهنا نقول إن الحكومة بمساعدة الهيئة العامة لمكافحة الفساد باتت تطهر نفسها أولا بأول من شبهات الفساد أو أي تجاوزات أو فساد في احد أروقتها.
وعليه فلم يعد عضو مجلس الأمة وحده المسؤول عن مواجهة الحكومة في التجاوزات التي تشهدها بعض قطاعاتها، بل ان الحكومة اليوم ومن خلال الهيئة العامة لمكافحة الفساد تطهر نفسها أولا بأول.
وهذا الأمر يعتبر إيجابيا إلى درجة كبيرة وهو بالتالي خفف كثيرا من حدة الغضب النيابي والهجوم الذي كان يطولها بصورة كبيرة نتيجة مثل بعض التجاوزات التي تحال الى الهيئة العامة لمكافحة الفساد.
إلا ان البعض من أعضاء السلطة التشريعية يوجه استجوابا حول موضوع عام كما هو الاستجواب الأخير المقدم لسمو رئيس مجلس الوزراء ومثل هذه الموضوعات العامة تكون الإجابة عليها من خلال جلسة ديوانية أو مقابلة تلفزيونية، لذا فهي لا تتحمل ان يطلق عليها استجوابا يقيد ضد رئيس الحكومة وبالأخص أن ما يعانيه المواطن سواء من سوء خدمات في بعض القطاعات الحكومية أو الغلاء أو ما شابه ذلك فهذه الأمور من الضروري أن يسأل عنها الوزير المختص.
فعلى سبيل المثال الشوارع بحاجة إلى تعديل يوجه السؤال الى وزير الأشغال ويمنح مهلة محددة لمعالجة الأزمة وإن لم يفعل يوجه له استجواب وكذلك وزير التجارة لمواجهة غلاء الأسعار وبمثل هذه الآلية تكون هناك سرعة في الإنجاز وتحسين للأداء وتعاون بين السلطتين.