على الرغم من السنوات الطويلة التي تمت خلالها تداول فكرة البديل الاستراتيجي وبحث الفكرة بين مؤيد ومعارض وعلى الرغم من أن البديل الاستراتيجي ولد غامضا بحيث لم يتم البوح بحقيقه البديل الاستراتيجي تحديدا سوى في مساواة الرواتب، هذا فضلا عن التقييم السنوي للموظفين وتعطيل العلاوات والترقيات للموظفين ممن لا يحصلون على تقدير امتياز أي جعل رقبة الموظفين بين يدي مسؤوليهم وهي التي أشرنا مسبقا بأنها ستساهم في تضخم المحاكم الإدارية، هذا فضلا عن غياب الحقيقة من الظالم ومن المظلوم فستضيع بها المسألة لصعوبة إثبات مثل هذا الأمر، أي بمعنى آخر إن الحكومة بقرارها بتطبيق البديل الاستراتيجي ستجلب لها الأزمات، وعوضا ان تحل أزمة فهي ستساهم بقرارها بخلق أزمات عديدة، وهذا ما لا نتمناه، فنريد دائما ان تكون الحكومة بعيدة عن الأزمات، هذا فضلا عن توفير أجواء ملائمة وعادلة وآمنه لموظفيها لأن هذا ما تعودنا عليه منها.
الأمر الآخر فيما يتعلق بسلم الرواتب الذي كان البديل الاستراتيجي سيعالج الفروقات بين الجهات الحكومية فهذه أمرها غير ممكن وذلك لأن طبيعة المهام مختلفة وطبيعة الوظائف ومدى أهميتها ومحوريتها ومعدل المجهود المبذول في جهات دون الأخرى هذا أيضا له أثره في تقييم الرواتب، فهناك مهن ذات طبيعة حساسة ومهمة وبالتالي ليس من الممكن ان يتم مساواة رواتبها بالجهات الأقل، لن نقول أقل أهمية فكل الجهات الحكومية مهمة ولكن اقل خطورة من غيرها ولا تتطلب من موظفيها القيام بمسؤوليات إضافية أو الالتزام بقوانين صارمة، وهذا نجده حتى داخل الجهة الحكومية نفسها فنجد أن إدارات تتمتع بميزات اكثر من جهات أخرى وذلك لأن هذه الإدارات بها ضغط عمل أو إدارات حساسة أو تتطلب التأخير لساعات متأخرة من العمل وهذا أمر طبيعي فلا يمكن أن تتم مساواة جميع الرواتب للمهنة الواحدة متى ما اختلفت الجهة التي ينتمي إليها الموظف.
هذا فضلا عن التمييز في الراتب بين جهة أو أخرى مع عدالة شروط الالتحاق بالمهنة ستعمل بدورها على تحفيز الإبداع والإنتاج والتفوق فتكون المنافسة الشريفة على المهن محل اهتمام من الأغلبية وهذا ما سيحفز الطلبة على التفوق بالدراسة وكذلك التخرج في سن معينة وهذا كله بدوره يعمل على تطوير الأداء والحصول على الأداء الأفضل وبالأخص كما ذكرنا في المهن التي تحتاج إلى طبيعة معينة من الموظفين.
أما فرض بديل استراتيجي سيعمل على عرقلة هيكل القطاع الحكومي وسيخلق الكثير من الأزمات وسيؤثر على الأداء بشكل كبير وبالأخص لدى بعض المهن التي تتطلب مجهودا إضافيا ومواقعهم حساسة، فالحكومة كانت ستأتي بالشر لنفسها، لذلك نجد أن تقوم الحكومة بسحب قانون البديل الاستراتيجي وعدم عرضه على مجلس الأمة ليوافق عليه أو ليرفضه لأنه سيضر بالموظفين بشكل كبير، فالحكومة لا ادري إن كانت تعلم عن كم الخلافات والمشاكل التي يتسبب بها البعض من رؤساء العمل لموظفيهم ولها ان تنظر في أحكام المحاكم، هذا وإن لم يصل الأمر للمحكمة فلتنظر لكمّ التظلمات لدى شؤون الموظفين في الوزارات، لذلك فالعدول عن مثل هذا القرار أمر محبب لأنه لا يتناسب مع طبيعة مجتمعنا.