وتبقى قضية الإثبات المعضلة التي تواجه جهات الادعاء سواء في المدني والتجاري أو حتى الجزائي والأحوال الشخصية، وذلك لأن القاعدة القانونية تقيد القضاة في طرق الإثبات في كثير من المواضع بحيث رسم القانون خطوات لا بد أن تتبع سواء من قبل الهيئة القضائية أو حتى من خلال السير في القضية وتتتبعها في كثير من القضايا وذلك حتى يتم الإثبات بالطرق التي حددها القانون.
ولأن الإثبات في القانون مختلف عن الإثبات العلمي نجد أن ما يصدر عن الهيئة القضائية من أحكام من المقرر ان يعتبر عنوان الحقيقة حتى لو كان مخالفا للحقيقة الفعلية فمادام الحكم حاز حجية الأمر المقضي يتعذر على صاحب الحق أن يقول لدي حق حتى لو كان مظلوما.
وبالرغم من أن قانون الإثبات في الكويت يقع بين الإثبات الحر والمقيد، إلا أنه مع مستجدات العصر اليوم وما باتت تقدمه التكنولوجيا الحديثة من تسهيلات في طرق وكيفية الإثبات أجد أنه من غير المقبول أن يستمر التقيد في طرق الإثبات في كثير من القضايا وجعلها مطلقة في القضايا الجزائية وحسب بل من الضروري ان يكون الإثبات مطلقا في كل القضايا حتى يكون الحكم الصادر من الهيئة القضائية في الغالب يعكس الواقع بنسبة 100%، وهذا مع تطور العصر اليوم لم يعد مستحيلا بل بات ممكنا بالتعاون مع السلطات الأمنية التي تمتلك كل المقومات لتحقيق ذلك الأمر.
هذا مع ضرورة تقليص دور الشهادة في الإثبات مع تغليظ العقوبة في حالة الشهادة الزور وذلك لأنه في كثير من الأحيان نجد ان الشهادة لدينا تتوقف على المعرفة والصداقة وتغلب عليها العلاقات الاجتماعية دون مراعاة حق الله في الشهادة فنجد أن في كثير من الأحيان يتعاون الأصدقاء في شهادة الزور وهذا الأمر لا يقتصر على ساحات القضاء بل في جوانب حياتنا اليومية نلتمسها فنجد أن الصداقة أهم من الصدق والأمانة فنجد أن الأصدقاء يتعاونون على الشهادة الزور وذلك لتحقيق مآرب في انفسهم او بدافع الحسد والبغض للأشخاص المتفوقين عليهم وهناك ظلم يحدث في بعض الأحيان فنجد أن أبرياء ظلموا نتيجة شهادة الزور.
وبما أننا نشهد أن الكذب منتشر بشكل كبير حتى ان هذا الفيروس أصاب الأطفال فنجد أن الأطفال حتى اليوم أصبحت ثقافة الكذب لديهم شائعة، لذا من الضروري ان يتم تقييد الشهادة وعدم الاستعانة بها إلا في أضيق الحدود ولا تقبل شهادة الأصدقاء والأقارب لأنها في الغالب سيكون بها كذب إلا ما رحم ربي.
وأجد أن هذه الظاهرة لا يحد منها سوى أمرين، الأول هو الاستعانة بطرق الإثبات بالتعاون مع الجهات الأمنية أي إعطاء المباحث دورا أكبر في الإثبات ولا ضير من أن يكون هناك مباحث أموال ومباحث أسرة ومباحث عمل أي أن تنتشر المباحث في شتى المجالات للتقليص من شهادة الزور، هذا فضلا على تغليظ عقوبة شهادة الزور حتى تكون رادعا للعبث بحلف اليمين الزور بدافع القرابة أو الصداقة أو المصلحة.
فاليوم لم تعد المجتمعات غابة تحكمها لغة الأسود والقوي يغلب الضعيف فالمجتمعات اليوم تحولت لدول قانون يحكمها مبادئ وأسس، والتكنولوجيا الحديثة سهلت الكثير من العناء على الأجهزة الأمنية في الإثبات.