طفت مؤخرا ظاهرة عالمية ألا وهي عزوف المستثمرين عن التداول في سوق الأوراق المالية، وهذه الظاهرة غير مقتصرة على إقليمنا المحلي بل باتت تطل بظلالها في مختلف أنحاء العالم.
وقد تكون الأسباب عائدة لتداعيات مختلفة التي دفعت بالمستثمرين للاحتفاظ بالكاش عوضا عن الأسهم والسندات، إلا ان اهم هذه الأسباب هي ضعف عائدات البورصة فلو قام مستثمر باستثمار مبلغ من الأموال لدى إحدى الشركات ثم كانت الأرباح لا تلبي طموحه فهو بالتأكيد لن يبادر بالتالي بتعزيز رأسمال الشركة نظرا لإجحاف الشركة لحقوق هذا المستثمر من خلال ضآلة الأرباح وبالتالي سينتج عنه العزوف.
السبب الآخر الذي يعتبر كذلك من الأسباب الجوهرية أنه لا أحد اليوم بات يغامر في أمواله من شراء اسهم في شركات ثم بعد ذلك تشهر الشركة إفلاسها والذي قد يعود لأسباب فساد أو تحايل من الإدارة، وهو بالتالي لا يجعل أموال المستثمرين في مأمن فقد تكون هذه الشركات المتداولة في البورصة مدينة دون أن تعلن عن ذلك فيتورط المستثمرون بعدها في ضياع أموالهم وهو بالتالي لا يوجد ما يضمن لهذا المستثمر من عودة رأس المال الذي استثمره في هذه الشركة مرة أخرى إليه.
فقد يظن البعض ان شهر الإفلاس قد يحل معضلة تفليسة المؤسسات ولكن متى ما ضاعت الأموال لا ضمان لعودتها وهناك أحداث تاريخية كثيرة لمثل هذه الأزمة لا تقتصر فقط على ما حدث في سوق المناخ في الكويت عام 1983 أو يوم الاثنين الأسود الشهير في بورصة نيويورك وغيرها من الأزمات.
وما هو بات شبه مؤكد أن المستثمرين حول العالم فقدوا ثقتهم في التداول في سوق الأوراق المالية وهو بالتالي بالتأكيد سيخلق أزمة اقتصادية لأنها سترفع من التضخم أي ان السيولة ستكون اكثر من النسبة المقررة للأوراق النقدية المتداولة وعليه من الضروري أن يتم إيجاد حلول ليس في معالجة البورصة وحسب ولكن لكسب الثقة من جديد في الشركات المدرجة في البورصة.
حيث إن أصحاب الأموال لا بد أن يعرفوا تماما أنه متى ما تم العزوف عن تداول الأسهم في البورصة فلن تكون هذه الشركة في مأمن لأن الاعتماد على النشاط الربحي من خلال البيع متغير وفقا للعرض والطلب والذوق العام، فقد نجد أن منتجات سلع معينة تلقى رواجا شعبيا لفترة ثم بعد ذلك يصيبها حالة كساد إما لأسباب عائدة بجودة الإنتاج أو طبيعة العاملين في المنشأة هل هم على قدر من الدراية والوعي والإنتاجية ليحققوا مكاسب للشركة أم لا؟ من جانب آخر أحيانا كثيرة نجد ان جودة المنتج باتت تقل في التصنيع لبعض المنتجات وهذا أيضا بسبب خلل في الإدارة أو لظهور المنافسين.
فاليوم مع انتشار المعرفة والعلم لم تعد الصناعة الجيدة حكرا على دولة أو إقليم معين فالبضائع والخدمات الكل يتنافس على تقديمها بأفضل الأسعار لذلك نجد ان الضمان الذي من الضروري أن تبقي عليه الشركات هو تداول أسهمها في البورصة لأنها متى ما وجدت مستثمرين يثقون بها ويدعمونها برؤوس أموالهم فستبقى هذه الشركات في مأمن عن ظاهرة العرض والطلب، وهو بالتالي لن يتم إلا إذا ما تم تعديل الربح العائد على أموال المستثمرين في البورصة.