بعد أن تطور العالم ووضع العلماء قواعد العلم توصلوا الى الآثار السلبية التي باتت تطول البيئة من سوء الاستخدام، حيث ان العالم اليوم يعكف على الحفاظ على البيئة لما لها من تأثير مباشر وسلبي على الصحة العامة للأفراد هذا فضلا عن الأبحاث المستمرة في التنمية المستدامة التي تعكف على ضرورة المحافظة على الموارد الطبيعية لضمان المخزون الاستراتيجي من هذه الموارد حتى تكفي لاستخدام الأجيال القادمة دون ان تتعرض للنفاد.
وعلى الرغم من جميع المؤتمرات الدولية والاتفاقيات التي توقعها الدول فيما بينها بشأن المحافظة على البيئة نجد ان هناك من لم يصل الى مرحلة من الإدراك الكافي للوقوف على خطورة وأهمية البيئة فمازال البعض يعتقد أن الهيئات والمؤسسات والمجالس العامة المعنية في البيئة هذه دورها ثانوي ومن الممكن الاستغناء عنها في سبيل ترشيد الإنفاق على الرغم من ان الميزانية المخصصة للأبحاث والعمل البيئي لا ترقى لأن تشكل مصدر هدر أو انفاق مقابل الكثير من الميزانيات المخصصة لدواع غير مجدية، إلا أنها محصنة من ان يتم المطالبة بإلغائها أو وقف ميزانيتها.
فقد تعالت في الآونة الأخيرة أصوات تطالب بإلغاء المجلس الاعلى للبيئة معللين مطالباتهم بأنها احد أوجه الهدر الحكومي وبما ان الدولة تطالب بسياسة ترشيد الانفاق فمن باب أولى من وجهة نظرهم أن يتم إلغاء المجلس الأعلى للبيئة اذا ما كانت الدولة تريد فعلا ترشيد الإنفاق.
أما ما فنده المطالبون من أسباب أخرى لإلغاء المجلس الأعلى للبيئة هو زعمهم للتجاوزات والترضيات والمحسوبيات التي تشكل نهج وسياسة العمل في المجلس الأعلى للبيئة وعدم التزامهم بالضوابط الخاصة بها في الأداء والتعيينات وهذه اذا ما كانت الأسباب حقيقية فمن الأجدى أن تتم معالجة مثل هذا الخلل والقصور في أداء المجلس الأعلى للبيئة من خلال تغيير القائمين على إدارتها والاستعانة بكفاءات أخرى تقدر خطورة وأهمية المجلس الأعلى للبيئة حيث ان تأسيس المجلس الأعلى للبيئة لم يكن بسبب ترضيات أو مجاملات أو خلق مجالس للواسطة والمحسوبيات، فقد كانت أسباب تأسيس المجلس الأعلى للبيئة نتيجة ضروريات دولية وبيئية وبالأخص أن ما نتج عن هذا المجلس هو وجود شرطة للبيئة ولدينا مفتشون يحملون الضبطية القضائية لمخالفة كل المعتدين على البيئة وهذا دور حيوي ومهم وبالأخص ان التلوث الذي يطول البيئة هذه أثرها علينا جميعا سلبي ومن الضروري ان تكون هناك جهة حكومية تعنى بالحد من التلوث والمحافظة على موارد الدولة هذا فضلا عن تمثيل الدولة في المحافل الدولية.
فإذا كان المجلس الأعلى للبيئة لا يقوم بالدور المنوط به فلنطالب بإدارة جديدة للمجلس وليس بإلغائه وبالأخص أن المجلس كان له دور حيوي في كيفية التصدي للكثير من الظواهر الطبيعية التي كادت تؤثر علينا، وبخبرة العاملين في الهيئة العامة للبيئة تم التصدي لها وإنقاذ المجتمع من أخطار بيئية كبيرة.
فالمحافظة على بيئة الكويت تعني ثلاثة جوانب، أولا المحافظة على صحة الفرد، وثانيا المحافظة على موارد الدولة الطبيعية، وثالثا تطوير الموارد البيئية واستثمارها للتمكن من ايجاد مصادر دخل متنوعة.
لذلك فليس من المجدي إطلاقا المطالبة بإلغاء المجلس الاعلى للبيئة لأنها تعني بالطبيعة والإنسان وحماية المجتمع من كل العوامــل والظواهر البيئية المختلفة هذا فضـــلا عن وضع المعالجات المختلفة للتمكن من تحقـــيق خطط التنمية المستدامة.