مازالت تداعيات أزمة كورونا في ازدياد مطرد، فبين حظر تجوال وتوقف لكل الأعمال وتوقف التعليم أصبح هناك الكثير من الانعكاسات السلبية التي ستظهر على جميع الدول، فما بين خسائر بشرية إلى خسائر اقتصادية إلى توقف التعليم إلى توقف أصحاب المهن الحرة عن مزاولة اعمالهم، فهذه بالتأكيد سينتج عنها خسائر طائلة أولها سيكون على البشرية، وهو كما نلحظ في بعض الدول في ازدياد مطرد لحالات الوفاة، أما الدول التي لم تقع بها خسائر بشرية فسيطولها خسائر اقتصادية كبيرة، وهذه لن يتأثر بها سوى الدول التي تعتمد على موارد وحيدة للدخل كالدول التي تعتمد على البترول كمصدر وحيد للدخل مع ما نشهده من انخفاض حاد في أسعار البترول، بالإضافة إلى الدول التي تعتمد على السياحة كمصدر رئيسي للدخل مع توقف السياحة في شتى أنحاء العالم وهو الذي سيستمر لفترة قد لا تكون قصيرة.
أما عن الشركات التي تضررت فهي شركات الطيران والسياحة وقطاع الأسواق والمقاهي والفنادق فهذه كلها توقفت اليوم بالإضافة إلى كل الأنشطة التي تعتمد على الجمهور في أنشطتها بما فيها أصحاب المهن الحرة كالأطباء وعيادات التغذية، ولكن في المقابل نجد ان هذه الأزمة أنعشت أسواقا أخرى كالأدوية والاغذية فهذه لم تتضرر بالإضافة إلى قطاع التكنولوجيا فهذه لا تتأثر بل كانت هذه الأزمة سببا لازدياد الطلب على التكنولوجيا.
إلا أن أكثر ما يتم تداوله اليوم هو أخبار عن انهيار للاقتصاد العالمي، وهذا في حقيقته إن كان صحيحا فهو يشمل دولا دون الأخرى، كما تمت الاشارة إليه مسبقا، أما الدول الاقتصادية العظمى فهذه بالتأكيد سيطولها خسائر ستعوضها في غصون شهور قليلة مقبلة، وذلك نظرا لأن اقتصادها قائم على الصناعة بكل مجالاتها، فالعالم اليوم يدار اقتصاديا من أوروبا وأميركا حيث إن هذه الدول حقيقة اقتصادها قائم على الاختراعات، فمن أتى باختراع كما الذي اتى به علماء هذه الدول؟ فحتى الصناعات التي كلنا اليوم نستخدم منتجاتها هي في حقيقتها براءات اختراع في كل الأنشطة والمجالات، ولا توجد دولة تملك هذا الكم الهائل من الصناعات التي لا ينافسها أي كان، وهذه حقيقة، فالأسواق قائمة على المنتجات الأوروبية والأميركية بكل مجالاتها فحتى لو كانت الصناعات لهذه المنتجات تتم في دول خارج أوروبا وأميركا فهي اوروبية وأميركية الهوية، ولا احد ينكر مصدرها الأم، فبعض الدول تنفذ سياسة أوروبا في الصناعة، فإما انها أعطت ترخيصا لبعض المصانع لصناعة منتجاتها حتى يسهل عليها توزيعها في قارات محددة أو أنها وضعت هذه المصانع في دول أخرى لتوافر أيدي عمالة بتكلفة معقولة.
وعليه، فإن اقتصاد هذه الدول بالتأكيد لن يتأثر فهي حتى متى ما تكبدت خسائر بالتالي فهي ستعوض خسارتها والمتتبع لأسعار صرف العملات سواء كان لليورو أو الجنيه الاسترليني أو الدولار الأميركي فسيجدها على حالها لم تتأثر وهو مؤشر على متانة اقتصادها وقوته.
فالعملات المؤشر الأولي الذي نستطيع ان نستشف منه قوة وملاءة اقتصاد الدولة وهي اول مؤشر على انهيار اقتصادها، ولنا على سبيل المثال العديد من الدول التي انهارت عملاتها بشكل كبير نتيجة ضعف اقتصادها.
لذلك، فإن من يعتقد أنه لم تعد هناك دولة قوية هو في حقيقته غير متتبع بشكل جيد لحقيقة الوضع الاقتصادي لهذه الدول، فشركة واحده من الشركات العالمية تساوي ميزانية دول بأكملها، وهم بالتأكيد سيدعمون اقتصاد دولهم وسيعوضون خسارتهم.