تذكرنا الأحداث التي نشهدها اليوم بالتاريخ الذي كنا نقرأه عن اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية والانعكاسات السلبية التي جرتها هاتان الحربان على العالم أجمع، وكيف ساهمت في انقراض شعوب والآثار الكارثية التي حملتها هاتان الحربان على البشرية وعلى الاقتصاد وعلى العالم بأسره.
الفرق الوحيد هو أنه اليوم لا توجد دبابات ولا توجد صواريخ ولا توجد دولة تشن حربا على الأخرى، ولا توجد غاية يسعى البعض من خلالها الى اسقاط أنظمة وقيام أخرى ولا الرغبة في ان تكون هناك دولة قوية جديدة تحكم العالم.
الغريب ان كل ما كنا نشهده عن تداعيات وآثار الحربين العالميتين الأولى والثانية لا نشهدها اليوم ولكن نعيش اجواءها، فعدونا هو فيروس لا يشاهد بالعين المجردة مع ان المتضرر هو ذاته كما هو حال المتضرورن من الحروب التي قامت في العقود الماضية ألا وهو الانسان والاقتصاد بالدرجة الأولى.
فحياتنا جميعا مهددة، فبين لحظة وأخرى قد يصاب اي منا بهذا الفيروس القاتل، واقتصاد العالم كله تضرر والحل لا يوجد بالتأكيد الا بمشيئة الله سبحانه بأن يتوقف هذا الفيروس عن الانتشار.
هناك تصريحات متعددة لمسؤولين حول العالم بين احتمالية استمرار هذا الفيروس في الانتشار طوال هذه السنة وكيف توصلوا الى هذه النتيجة وهذا القرار؟ لا اعلم، فإذا كان الأمر بيد الله سبحانه وليس بيد الدول فقد ينتهي الغد وقد ينتهي بعد شهر وقد يستمر اعواما وليس بعام، أما اذا كان المتحكم في هذا الفيروس ومن يملك قرار وقفه شخصا او منظمة فبالتأكيد حينها سنتقبل التنبؤات والتكهنات، وعلى غرار ذلك نتمنى ان تتوقف التصريحات سواء بالتفاؤل أو حتى المتشائمة، ونترك العلم لله وحده، فهو سبحانه وحده من يعلم متى سينجلي هذا الوباء عن العالم وتعود عجلة الحياة من جديد.
فاليوم نعيش منذ اسابيع فترة حظر جزئي وهناك أقاويل وتصريحات متعددة عن احتمالية الحظر الشامل الا أنني في الحظرين الجزئي والشامل لا أؤيده على الاطلاق، نظرا لأن الدولة بكل مؤسساتها ومجمعاتها ومقاهيها مغلقة ولم يتبق للأفراد مكان للذهاب اليه الا أماكنهم الخاصة المغلقة عليهم وعلى عائلاتهم، لذا فلا مجال للازدحام وبالأخص ان هناك شريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين على وعي تام ولم يخرجوا من بيوتهم حتى قبل فرض الحظر.
لذلك، نتمنى من كل سكان الكويت من مواطنين ومقيمين الالتزام بالتعليمات الصحية حتى لا نصل لمرحلة الحظر الشامل لما له من آثار كارثية على بعض الأسر والعائلات.
فهناك ابناء يرعون آباءهم وليس من الممكن نقل اقامتهم والتجمع في مكان واحد، وهناك أمهات وآباء لا يسكنون مع أبناء لأنهم منفصلون وقد يكون احد الأبناء لدى الجد أو لدى الأم والأب والطرف الآخر يريد متابعة أمورهم.
هذا فضلا عن أنه ليس المجتمع كله يعيش في قصور أو يملك شاليها أو مزرعة حتى يحتجب فيها عن العالم ويرفه عن نفسه، فهناك أسر كثيرة تعيش في شقق صغيرة، والكارثة ان نقول لهؤلاء اجلسوا في بيوتكم الصغيرة لأيام وشهور فهنا ستزداد المشاكل النفسية والأسرية بشكل كبير، لذا نرجو قبل أن يتم فرض مثل هذه القرارات التفكير اولا بأن هناك أناسا تريد ان تتنفس وتشعر بالضيق، فليس من المنطقي أن يسجن الأشخاص في شقق مساحتها صغيرة لأجل فيروس لن يقتل الا من قرر الله قبض روحه.