مازالت تداعيات أزمة «كورونا» بازدياد مطرد، وقد تكون أولى القطاعات المتضررة كما ذكرنا آنفا هي قطاع الاعمال بالدرجة الأولى، إلا أن الحلول التي من الممكن أن يتم عرضها على أصحاب الأعمال قد يجدها البعض غير مواتية نظرا لما تشهده الساحة المحلية والإقليمية من توقف الأنشطة بشكل مطرد.
فمن تضرر من جراء هذه الأزمة ليس فقط أصحاب الأعمال الذين توقفت أنشطتهم، بل الفئات الضعيفة التي لا أحد يوليها أي اهتمام ألا وهم قطاع العمال، وما نقصده بقطاع العمال هم العاملون في القطاع الخاص بمختلف مهنهم وهؤلاء بالتأكيد يعانون في ظل هذه الأزمة من جراء منح الكثير من أصحاب الأعمال إجازات مفتوحة للعاملين لديهم نظير توقف أعمالهم.
فعلى الرغم من العقود المبرمة بين أصحاب الأعمال والعاملين والتي تحمل في بنودها التزامات تعاقدية تفرض على أصحاب الأعمال دفع مستحقات ورواتب العاملين لديها حتى في ظل القوة القاهرة التي أوقفت أعمالهم فهؤلاء العمال لديهم التزامات مختلفة وتوقف دفع رواتبهم بهذه الطريقة أحدث أزمة كبيرة، فهؤلاء لديهم عقود مبرمة من الضروري أن يتم الالتزام بها حتى في ظل القوة القاهرة التي تحول دون تنفيذ الالتزامات التعاقدية.
فأزمة كورونا أي نعم انها تسببت في وقف الكثير من الأنشطة والأعمال، إلا أن دفع أجور العاملين في الشركات الخاصة لابد أن يلتزم أصحاب الأعمال بدفعها حتى مع توقف أنشطتهم.
ففي لغة الاقتصاد من المفروض أن كل شركة حين قامت بإعداد مشروع الميزانية الخاص بها لعام 2020/2021 كان مدرج بها رواتب العاملين لديها وهي ميزانية محسوبة مسبقا وعليه فإنها لا تخصص من فائض الربح والخسارة بل مدرجة في ميزانيتها التي أعدتها في بداية السنة.
فهناك مع الأسف بعض أصحاب الأعمال لا يلتزم بخطة ميزانيته المعدة سلفا على الرغم من ضرورة إلزام كل أصحاب الأعمال والشركات بتقديم ميزانيتها لوزارة التجارة عن كل سنة ضمانا للعمال، وهذه لابد أن يطالب بها اتحاد العمال.
وعليه فإن عدم دفع أجور ومرتبات العاملين في القطاع الخاص بذريعة ان الأعمال متوقفة هذه مسؤولية يتحملها أصحاب الأعمال وليس العاملون لديهم، فالملاءة الاقتصادية للشركات هذه ضرورية، وإلا لماذا يباشر البعض العمل في الأنشطة الخاصة ويفتح شركة وهو غير قادر على دفع أجور العاملين لديه في ظل القوة القاهرة؟
أستطيع أن أؤكد أن كل الشركات وأصحاب الأعمال الذين منحوا إجازات مفتوحة للعاملين لديهم وتملصوا من دفع رواتبهم هؤلاء سيدفعون تعويضات مضاعفة للعاملين لديهم متى ما تم رفع دعاوى تعويض ضدهم في المحاكم.
وعليه فإن ترك العاملين في القطاع الخاص يتلقون تبرعات نتيجة أنهم أناس لا يتقاضون أي راتب هذه ستحدث أزمة في المحاكم لأنهم بالتأكيد سيطالبون تلك الشركات بدفع تعويض عن الضرر الذي أصابهم نتيجة عدم دفع أجورهم.
فليس جيدا ما نشهده من تداعيات أزمة كورونا التي أضرت بشرائح كبيرة من العاملين، وعليه فإن كل الشركات التي لم تلتزم بدفع أجور العاملين لديهم نقول لهم أنتم مذنبون، فكثير منهم يرغبون في ممارسة النشاط التجاري دون أن يعوا خطورة العمل في قطاع الأعمال الخاص وهذه الأزمة وما ستجره من مشاكل كبيرة وقضايا متعددة ستجعلنا نشهد حدّا لعدد من الشركات التي تفتح وهي لا تحمل ملاءة اقتصادية تمكنها من مواجهة الأزمات الطارئة، ونتمنى ان نجد حلولا مقترحة من الجهات المعنية للحد من مثل هذه الأزمات مستقبلا.