كثرت في الآونة الأخيرة الدعاوى الجزائية وغيرها من الدعاوى الأخرى وهي التي تعتبر سابقة في عهد القضاء الكويتي أن يشهد كل هذا الكم من الدعاوى، والكثير منها بتنا مع الأسف نجد أن فيها عدم جدية أو تنتهي بالصلح أو أن القضية تافهة وعليه فهي لأنها مقرة بالقانون لذلك فتلزم جهات التحقيق بأخذها بمحمل الجد وتحيلها للقضاء وتنشغل بها ساحات التقاضي وهي لا تتحمل حتى أن تصل لدعوى للمحكمة.
وعليه فإن الجدية في التقاضي تفرض أن يتم أولا فرض قيد على الدعوى الجزائية بحيث كل دعوى تتجاوز الشكوى فيها مدة 3 أشهر تسقط بها الحق في التقاضي وهي كافية ومبررة بحيث ان مدة الثلاثة أشهر تضمن جهات التحقيق فيها أولا جدية الدعوى وعدم وجود الكيدية، ثانيا أن أدلة الدعوى مازالت متوافرة ومن الممكن الرجوع إليها على خلاف ضياع الدليل لمرور المدة الزمنية الأمر الآخر، وبالأخص في القضايا التي تكون فيها الدعوى عن جرائم إلكترونية تلتزم فيها مراجعة المراسلات وتنشغل بها المباحث الإلكترونية، وعليه فإن مراجعة المراسلات خلال مدة قصيرة تسهل على رجل المباحث الوصول والتأكد من الجرم المقترف على خلاف لو تم ارتكاب الجرم، وبعد سنة تم رفع الشكوى هنا مراجعة البيانات من جهات المباحث ستأخذ وقتا طويلا لنصل إلى حقيقة الدعوى.
الأمر الآخر فإن المشرع بفتحه المدة في دعاوى الجزاء لمدة خمس سنوات في الجنح هذه غير مقبولة، فعلى سبيل المثال لو قام شخص بسب احدهم برسالة إلكترونية ثم ذهب هذا الشخص بعد سنة لتقديم شكوى في هذه الحالة جهات التحقيق تقبلها لأنها لم تسقط جزائيا وفق القانون، ولكن لغة المنطق تجعل مثل هذه القضايا غير مقبولة وعليه فتقييد وقت الدعوى الجزائية يوفر على ساحات القضاء العديد من القضايا لأن هناك ما هو اهم.
فاليوم لدينا دائرة إدارية بالمحكمة هذه ستنفجر من عدد القضايا الإدارية المرفوعة أمامها وهي قضايا مهمة اهم من الشكوى في السب أو التغريد أو حتى قضايا المشاهير مع متابعيهم، فالدعاوى الإدارية تستلزم عددا أكبر من القضاة للفصل في حقوق الموظفين وغيرهم.
الأمر الآخر دعاوى الأحوال الشخصية سامح الله المشرع الذي أفرد كل هذه المساحة أمام الزوجات والتي سلخت ومزقت روابط الأسرة، فكم عدد القضايا المرفوعة من الزوجات على أزواجهن وهي في حقيقتها مخجلة ان تصل روابط الأسرة بهذا الكم من القضايا، وهي بالتالي لابد أن تقيد ولا يفرد لها كل هذه المساحة حتى لا تنشغل المحاكم بخلافات هامشية لا تمثل أهمية في الحق العام.
وبالأخص أن تقييد مساحة التقاضي بين الأزواج ستوفر على المحكمة العديد من القضايا وهي في حقيقتها ستربي المجتمع لأن من المعيب ان نجد أن الأسر باتت تتمزق بهذا الشكل المخجل.
وعليه فإن تضييق مساحة التقاضي في أمور وتوسعتها في أمور مهمة مثل التهريب الجمركي وقضايا المخدرات ودعاوى حقوق الشركات والعقود الإدارية والمنازعات ذات العنصر الأجنبي وقضايا أمن الدولة وقضايا الجنايات هذه بالتأكيد لها أهمية اكبر وبالأخص ان عدد القضاة لدينا قليل، ونريد ألا ترفع دعاوى هامشية أمام المحكمة.
فعلى سبيل المثال قضايا السب لماذا يوجد عقوبة أصلا في السب، ففي القانون البريطاني هذه العقوبة غير موجودة وعليه من يشتم الآخر فليرد الطرف الآخر الشتيمة وانتهى الأمر فأمرها ليس مهما، لدرجة ان ترفع دعوى أمام المحكمة وعليه نريد أن تكون ساحات القضاء لا تنشغل إلا بالأمور المهمة وحسب.