في خضم هذه الأزمة هناك أناس كثيرون لا توجد لديهم أنشطة خاصة، وعليه فإن معظم وقتهم يقضونه في مشاهدة المسلسلات ووسائل التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أن وقت الفراغ الذي نعيشه مع أجواء الحظر تجعل البعض من عشاق القراءة يتمنون لو يجدون مكتبة إلكترونية متاحة بالمجان وبدون اشتراك أمام الجمهور ليتسنى لهم قراءة الكتب أو القيام ببعض الأبحاث التي تفيدهم.
وقد يظن البعض أن بعض المواقع التي تطرح كتبا إلكترونية للقراءة هذه متاحة أمام الجميع، ولكنها ليست كذلك وبالأخص أن الكثير بل من الممكن ان تكون اغلبها غير محلية، وعليه فهي تتطلب إجراءات معينة للبحث وللوصول إلى كتاب معين قد لا تتوافر لدى الأغلبية الآلية والتقنية لإمكانية تصفّح مثل هذه المواقع.
وعلى الرغم من رعاية الدولة لسنوات للمكتبات، وقد تكون الكويت من أولى الدول الرائدة في هذا العلم والحقل المعرفي وعلى الرغم من نقل تبعية المكتبات العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، إلا انه حتى هذه اللحظة لم يتم تطوير العمل المكتبي لدينا.
فحين نقول إننا نطالب بمكتبات عامة متاحة على الإنترنت فهذا يعني ان تصمم مكتبة عامة بحيث يخيل لمن يزور هذا الموقع بانه فعلا دخل المكتبة وتجول في أرجائها وبدأ يجول بين رفوفها ويتصفح فهارسها للحصول على الكتاب الذي يريده.
بحيث يكون لديه أمين مكتبة رقمي يجيبه على استفساراته ويرشده للكتاب الذي يعنيه، ويكون هذا الموقع مصمم خصيصا لمن لا يتقنون البحث كثيرا في مواقع الإنترنت فتساعدهم مواقع المكتبات الإلكترونية لدينا في سهولة الحصول على الكتب التي يرغبون فيها.
إن فكرة تصميم موقع إلكتروني لمكتبة عامة يناسب جميع الأعمار وكل التخصصات هذه بحاجة إلى خبراء تقنيون يساندون المكتبيين في التصميم لنصل إلى رؤية واضحة لطبيعة المكتبة الإلكترونية.
فاليوم نحن لا نريد من أفراد المجتمع أن يكون شغلهم الشاغل مسلسلا أو مشاهير تواصل اجتماعي، بل إن مسؤولية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب تحفيز المجتمع على القراءة لما لها من دور بارز وإيجابي في زيادة ثقافة المجتمع وإكساب مهارات للمتخصصين في مجالاتهم حين تكون الكتب الخاصة بأعمالهم متاحة لقراءتها، هذا فضلا عن الأطفال متى ما تم فتح المجال أمامهم لقراءة كتب إلكترونية سواء باللغة العربية أو لغات أخرى يحبونها، فالهدف هو التشجيع على القراءة.
فمع الأسف تبرز بين الحين والآخر مجموعات شبابية كانت تحفز على القراءة، إلا أن مبادراتها كانت فردية وتظهر لفترة وتختفي، وقد تحدثنا مرارا عن المكتبات العامة لدينا وعن كيفية تطويرها، إلا أنها ليست من ضمن الأولويات كون
المجتمع لا يطالب بها فنحن ندفع الآخرين للقراءة فهم غالبا ما لا يطلبونها.
إلا ان الدور الذي لابد أن تقوم به مؤسسات الدولة هو تغيير الفكر العام والتوجه العام، وذلك من خلال أهداف المؤسسات المتخصصة بالدولة للقيام بهذا الجانب، فبالتأكيد كل مؤسسة بالدولة معنية بجانب تتخصص فيه يكون هدفها تحقيق أهداف إستراتيجية محددة، وأعتقد أنه بالتأكيد من ضمن أهداف المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب هو التشجيع على الثقافة والقراءة، وعليه فإن مسؤولية توجيه المجتمع إلى كسب عادات محببة ونبذ أخرى هذه تقع على مؤسسات الدولة بالتعاون مع وسائل الإعلام.
حقيقة، الحكومة لم تقصر وتقدم الدعم وترصد الميزانيات، إلا أن الحماس الذي تعمل به بعض مؤسسات الدولة غالبا ما يكون قليلا وليس بذلك النشاط الذي يحدث استفاقة وتوعية لدى الأغلبية، وهذا حقيقة ما نتمنى أن نشهده من مؤسسات الدولة المعنية بتذليل كل الإمكانيات لإعادة الدور الرائد للمكتبات والتحفيز على القراءة.