تواجه الدولة أزمة اقتصادية كبيرة مع عجز متوقع في الموازنة العامة، وهو عائد لعدة أسباب، الأول انخفاض أسعار البترول، والثاني انخفاض عوائد الاستثمارات الخارجية في ظل الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم.
وعليه، فإن هذه الأسباب المجتمعة إضافة اليها ما أنفقته الدولة من مصروفات طائلة في ظل أزمة كورونا، فبالتأكيد نحن مشرفون على أزمة اقتصادية، وهو ما بدأ يطفو على الساحة برغبة الحكومة في اللجوء للدين العام كأحد حلول مواجهة عجز الموازنة العامة، وعلى الرغم من أنه لم تمر سنوات طويلة على السندات الدولية التي أصدرتها الدولة منذ أعوام قليلة مضت، ولا أعلم إن كان حان أجلها وسددتها الحكومة أو أنها ستواجه بالإضافة إلى السندات السابقة التوجه لدين عام جديد سيثقل كاهل الموازنة العامة بديون لا نعرف متى سيتم سدادها.
إلا أن الحل الأفضل في ظل هذه الأزمة هو عدم إصدار سندات جديدة مطلقا والتوجه للصكوك لأنها أفضل حيث ان السندات ستكلف الدولة دفع فوائد طائلة أضعاف المبالغ التي ستحصل عليها من هذه السندات، ولذلك نجد الإقبال دائما على السندات كونها طريقة آمنة وسهلة للحصول على موارد إضافية واستثمار الأموال بغض النظر عما تحمله من آثار سلبية على الاقتصاد القومي، فكثر من يستغلون فرصة استثمار أموال الدول بطرح سندات طمعا في الفوائد الطائلة التي يتم دفعها من دون وجه حق نظير المبلغ المقترض.
أما الصكوك فهي أفضل بالتأكيد في لغة الاقتصاد لأنها لا تضمن نسبة فائدة محددة فهي متغيرة وفقا للعرض والطلب وتعتمد على أرباح الأصول المستثمرة، وبالتالي فإن اللجوء إليها وسيلة آمنة لكلا الطرفين، فالطرف الأول ولنقل انه الحكومة متى ما لجأت للصكوك فلن تكلف نفسها بالتأكيد دفع فوائد وإنما أرباح فهي تضمن ألا يخسر الطرف المستثمر أمواله ولكنها لا تلزم نفسها بفائدة تثقل الموازنة العامة بل تقوم على اقتسام أرباح هذه الأصول مع حاملي الصكوك.
حيث ان السندات حقيقة فيها استغلال أنا أقرضك وأشتري سندا مقابل فائدة ربوية أما الصكوك فعلى خلاف ذلك فهي استثمار وقد يحصل حامل الصك على أرباح أكثر من الفائدة المقررة للسند، لذلك فهي ضمان للطرفين المقرض والمقترض.
نعي تماما أن هذه الأزمة ليست بيسيرة وأنها ذات أبعاد على كل الأصعدة، إلا أنه من الأفضل عدم التسرع في اتخاذ قرار قد يسبب آثارا سلبية تضر الاقتصاد القومي عوضا عن أن تحقق له بفائدة.
ثم ان تغيير الثقافة العامة التي تعتمد على الفوائد هذه بيد الحكومة فهي صاحبة القرار فإذا ما قامت الحكومة بنشر ثقافة الفائدة إي نعم انها ستتحمل ويلاتها إلا أنه من المجدي أن تزرع ثقافة الأرباح عوضا عن الفائدة.
فلا نريد أن تقع الحكومة تحت أي ضغط يؤدي إلى اتخاذ قرار يحمل الموازنة العامة أعباء إضافية بل نريد قرارا ذكيا وفرض ثقافة مالية جديدة فهي صاحبة القرار متى ما لجأت للدين العام.
فحتى لو لجات الحكومة للأسواق العالمية وهذا هو المتوقع، فبالتأكيد لن تطرح مثل هذه الصكوك في الأسواق المحلية مع ما يعانيه القطاع الخاص من عجز ومشاكل مالية وبما أن اللجوء قد يتم للأسواق العالمية أعتقد أن الحكومة بلجوئها للصكوك ستفرض ثقافة عالمية جديدة ستحد كثيرا من جشع الفائدة التي أضرت بكل القطاعات.
والخيار بالتأكيد للحكومة فهي صاحبة القرار الأول والأخير، لأنها قد تعلم أمورا تخفى عنا ولكن ما نرفضه هو استغلال أزمة كورونا لإضعاف موازنة الدولة وتحميلها فوائد ستؤثر سلبا على الاقتصاد القومي.