مشاكل نفسية كثيرة يعاني منها الكثير من الأفراد ليس حصرا في مجتمعنا بل من الممكن ان تكون بكافة المجتمعات، فهناك فئة تعاني من هذه المشكلة ألا وهي «سوء التعبير عن الذات» أو بمعنى آخر عدم حسن التعبير عن الذات والأفكار والآراء التي تدور في رأس المرء منا.
فهناك فئة لا تحسن التعبير عما يدور في بالها وهذه قد تكون لتداعيات كثيرة، منها أسلوب التنشئة الاجتماعية منذ الصغر بحيث يتربى الطفل على الاضطهاد وتهميش الرأي أو التعنيف التي تجعله بدوره يخجل من مواجهة المجتمع والتعبير الجيد عن آرائه وأفكاره.
أو بسبب قد يكون عائدا إلى طبيعة هذا الشخص التي نسميها بالشخصية الغامضة التي لا نعرف ما يدور في تفكير مثل هؤلاء الأشخاص وهو عيب في الشخصية كثيرا ما يفقد المرء الكثير من صداقاته حتى انها قد تخسره أقرب الناس إليه وخاصة متى ما كان يصاحب هذا الغموض سوء تعبير بحيث إذا ما سأل سؤالا عما يدور في خلده عوضا عن الإجابة الديبلوماسية التي من المفترض أن تجعله يحترم من خلالها السائل تجده يصرخ رافضا الإجابة، اي نعم ان لكل انسان منا الحق في الاحتفاظ بما يدور في نفسه ولكن سوء التعبير وردود الأفعال السيئة هي التي تسبب المشاكل في الغالب.
فمن لا يحسن التعبير عن أفكاره هذا بالتأكيد سيفشل مهنيا وخاصة في المهن التي تتطلب حضور اجتماعات ونقاشات فهو لا يعرف كيف يرتب أفكاره أو حتى يتحدث بتسلسل منطقي تجعل معلوماته منظمة ومرتبة.
الأمر الآخر في علاقاته سواء الزوجية او حتى مع أبنائه متى ما كان غامضا لا يعبر لهم عن مشاعره، بالتأكيد سيتولد لديهم شعور بأن هذا الشخص سواء رجل أو امرأة قد لا يبادلهم الشعور وهو بالتالي سيخسرهم على المدى البعيد.
قد يكون اليوم من أكثر الطوائف المهنية المعنية بحل مثل هذه المشكلة الاختصاصيون النفسيون وذلك من خلال إما الإرشاد النفسي في المدارس بحيث تكون هناك لقاءات ودورات للطلبة لتدريبهم على حسن التعبير عن الذات أو من خلال الدورات العامة للجمهور للإفادة العامة.
فحقيقة كثير من التخصصات المهمة لدينا قد لا تكون قد حظيت بالاهتمام الكافي الذي يفعلون من خلاله دورهم المجتمعي اي نعم ان هناك الكثير من الدورات التي يقيمها الاختصائصيون والاستشاريون النفسيون ولكن نريد أن يكون هناك دعم اكبر لجهودهم مع تنظيم اكبر حتى يلقى دورهم الرواج المجتمعي ويتفاعل معهم اكبر شريحة ممكنة.
وقد تكون البداية الحقيقية بالمدارس فمن المهم ان يكون تواصل الاختصاصي النفسي مع الطلبة بشكل مستمر ليس فقط لمن يعانون مشاكل ولكن مع كافة الطلبة، فعلى سبيل المثال سوء التعبير عن الذات هذه متفشية لدى طائفة كبيرة في المجتمعات سواء نساء أو رجال فقليل من يعرف كيف يرتب أفكاره في الحديث ويعبر بأسلوب جيد ومقنع دون الانفعال أو الغموض.
وفي الحقيقة بداية مشكلة سوء التعبير قد تكون بسبب انعدام الثقة بالنفس أو بسبب الجلوس لفترات طويلة دون حوار وفي المقابل عوضا عن التفاعل المجتمعي مع الأهل او الأصدقاء يتم التواصل الافتراضي أو مشاهدة التلفاز وبالتالي الجلوس لفترات طويلة بصمت مما يؤدي مع المدى البعيد إلى إضعاف القدر التعبيرية لدى كثير من الأشخاص.
الأمر الآخر هناك من يتقن التعبير الكتابي أكثر من التعبير اللغوي وهذه نتيجة بعض المهن التي تتطلب الكتابة أكثر من التعبير اللفظي وهذه بالتأكيد بحاجة إلى إكساب مثل هذه الطائفة مهارات حسن التعبير عن الذات لفظيا.