لا أحد ينكر أن جائحة كورونا التي اجتاحت العالم مع ما صاحبها من إعلام عالمي قوي ركز على هذا الوباء بشكل كبير تسبب برهاب اجتماعي لدى كافة المجتمعات، إلا أن الأمر كان لابد أن يكون فيه نوع من التعقل والحكمة بعض الشيء والذي كان مفقودا من البعض مع الأسف.
فعلى سبيل المثال تعامل بعض أولياء الأمور مع أبنائهم في ظل هذه الجائحة كان ينقصه الوعي وبالأخص أن ترهيب الأطفال والمراهقين وإشعارهم بأن الموت يقترب منهم في كل لحظة وتعطيلهم عن الدراسة المنزلية كان فيه خطأ كبير.
فكثيرا ما يخطأ البعض في عدم اختيار المواضيع التي يتحدثون بها مع أبنائهم فليس كل شيء يقال للأبناء فهناك مواضيع قد تؤثر سلبيا على نفسيتهم وهم في سن مبكرة قد لا تساعدهم على تخطي هذه الأزمة التي تعتريهم فليس من المجدي أن يتم ترهيب الأبناء لدرجة كبيرة لأنه سيؤثر بالتالي على تنشئتهم بشكل كبير، حيث إن إعطاء الأمل للأبناء مسؤولية الوالدين بضرورة عدم تضخيم المواضيع وتهويلها أمامهم لأنهم بالنهاية أطفال، وليس من العدالة أن نقول للأطفال انكم ستموتون بأي لحظة بل كان من الأجدى معالجة الأمر معهم بطريقة مختلفة.
أي نعم ان الإعلام كان عاملا مساهما في الترهيب، حيث جندت وسائل الإعلام المختلفة لمناقشة أزمة كورونا ولكن كان لابد من أولياء الأمور وبالأخص خلال مرحلة الحظر أن يتم عمل برنامج يومي لأبنائهم حتى يشغلوا لهم يومهم.
بحيث كان من الضروري أن يلتزم الأبناء بالاستيقاظ مبكرا وعمل جدول يومي بين مراجعة الدروس لثلاث ساعات يوميا واللعب لساعات أخرى وساعات لمشاهدة التلفاز أو اليوتيوب مع الحرص على النوم مبكرا.
إلا أن البعض خلال هذه الفترة الطويلة من الإجازة فقد السيطرة على أبنائه فانقطع الأغلبية عن مراجعة الدروس التي درسوها قبل الحظر وأصبح الأغلبية لا يستيقظ مبكرا ولا يوجد تنظيم في الوقت.
بعض أولياء الأمور يعول الأسباب على أن السيطرة على الأطفال والمراهقين غير ممكنة في ظل غياب الدوام الدراسي ولكن عدم السيطرة على الأبناء معناه أن هناك نقصا في السيطرة والتأثير الذي يقوم به الوالدان تجاه أبنائهما بشكل كبير، فإذا كان بعض أولياء الأمور لا يحسن إدارة وقت أبنائه إذن أين التربية؟ أين دور الأم والأب في مراقبة الأبناء وتوجيههم وعدم تركهم على راحتهم فيما يضرون به انفسهم؟ فالوباء لا يعني أن القيامة قد قامت وان الحياة قد انتهت أو أن الدولة لا سمح الله ضاعت، فما نمر به أزمة صحية تفشي وباء ارتأت من خلاله الحكومة تعطيل أعمالها ولكن العمل الذاتي والمتابعة الأسرية للأبناء هذه مسؤولية أولياء الأمور في توجيه أبنائهم، لابد أن يكون للوالدين رهبة وكلمة مسموعة على الأبناء، لأن فقد السيطرة وعدم سماع الأبناء لتوجيهات والديهم مؤشر على خلل في المنهج التربوي الذي يعتمده الوالدان في التعامل مع أبنائهما، فقد يكون مثل هؤلاء مفرطين في التدليل وعذرا الأبناء في مرحلة عمرية لا يتركون على هواهم بل لابد من أن يتلقوا توجيهات والديهم وسماع هذه التوجيهات والامتثال لها.
اليوم قد يتم إنهاء العام الدراسي لجميع المراحل الدراسية ما عدا الصف الثاني عشر، ولكن كنا نتمنى لو تمت قراءة ذاتية واطلاع من قبل الطلبة على المناهج وتقديم تقرير بها حتى يتبين حسن استغلال فترة الحظر في شيء مفيد.
وكذلك طلبة الثاني عشر فاليوم قد يواجه البعض منهم نسيانا كاملا للمنهج الدراسي الذي تم البدء به في بداية الكورس الثاني مع صعوبة متابعة التعليم عن بعد، ولكن لو كان هؤلاء الطلبة ممن يعانون اليوم من صعوبة مراجعة الدروس لو استغلوا فترة الحظر والإجازة بالقراءة للمناهج لساعتين أو ثلاثة يوميا لسهلت عليهم ورمت عنهم حملا كبيرا من المجهود الذي سيبذلونه في التعليم عن بعد.