لكل امرئ منا شيء في التلفاز يعشق مشاهدته، فهناك من يحب مشاهدة المسلسلات الاجتماعية، وهناك من يحب مشاهدة أفلام الرعب، وهناك من يحب مشاهدة الفيديو كليب، وهناك من يحب البرامج الدينية، وآخرون يحبون مشاهدة الأخبار السياسية التي باتت أشبه بمسلسل من الواقع كل يوم له أحداث وأبطال ونجوم تظهر وتختفي، لكن المهم أن كلا منا يفضل مشاهدة شيء يستهويه ويتوافق مع ميوله وهذه هي الحرية الشخصية.
ويبقى الفرق بين المشاهد العادي والمشاهد الصحافي أن المشاهد العادي يتحدث عما أعجبه فيما شاهده في محيطه الضيق، ولكن الصحافي ينقل رأيه للملأ والنتيجة بالتالي ليست واحدة إلا ان آليتها واحدة.
فكلاهما الصحافي والمشاهد العادي يعتبران من المتلقين والمشاهدين وقلة قليلة منهم من يتعامل او يعرف شخصيا الأشخاص الذين شاهدهم على التلفاز، وحتى لو كان قد التقى بهم في محفل من المحافل، إلا أن الأغلبية لا تعرف الأشخاص بشخوصها، ولكننا جميعا ننتقد ونقيم الأداء حتى لو تبين لنا أننا لا نتفق مع الأشخاص بأشخاصهم أو حتى لو كنا لا نميل لتوجهاتهم والتي قد تكون مغايرة لكثير من مبادئنا، إلا أننا بالتالي نقيم الأداء وما شاهدناه، أما الحياة الشخصية للأفراد فلا نعرفها بالتأكيد، وبالتالي قد يمتدح الصحافي أداء احد الشخصيات المشهورة لعمل قام به، ثم بعد ذلك تنكشف أمور لا نعرفها عنه فنفاجأ كما يفاجأ الجميع، إلا أننا في النهاية نكون قد استعرضنا عملا معينا وأداء محددا وليس الأشخاص بأشخاصهم.
وفي السياسة تحديدا كل يوم نشهد أحداثا وتصريحات ومواقف سياسية قد نشجعها وقد ننتقدها، إلا أننا بالتأكيد نتعامل في النقد الصحافي مع الأعمال، كما أوضحنا وليس الأشخاص.
ولكن حقيقة ما نأمله ان تبقى الصورة الذهنية للمتلقي عن هذه الشخصيات التي تؤدي أعمالا تقدم للجمهور في شتى الميادين شخصيات تقترب كثيرا من المثالية حتى لا تفقد جمهورها ومؤيديها في الإعلام.
فالشهرة سيف ذو حدين إما ان يرفعك أو أن يهوي بك وخصوصا في العمل السياسي، بحيث لابد أن تكون مسيرة السياسي سواء في عمله المقدم للجمهور أو في حياته الشخصية حياة نظيفة لا تشوبها شائبة، لأنه بالتالي يعتمد على جمهوره الذي أوصله وقد يفقده ويفقد مؤيديه إذا شاب سلوكه حتى في حياته الشخصية أي شيء يخالف العقيدة والأعراف التي جبل عليها المجتمع.
قد يخالف البعض هذا الرأي معتبرين ان الحياة الشخصية للساسة بعيدة تماما عن العمل السياسي، ولكن أي عمل مقدم للجمهور يتم فصل الحياة الشخصية للمؤدي عن عمله إلا في العمل السياسي، فالسياسي لابد أن يتمتع بقدر كبير من المثالية لأن دوره كسياسي إما وزيرا يقود مؤسسات الدولة أو نائبا في البرلمان يشرع القوانين التي تجرم السلوكيات الخاطئة، وعليه أن يكون هو القدوة أولا لجمهوره.
والمشكلة التي يراها البعض اليوم هي أنه في السابق كان من الممكن حجب المعلومات عن الجمهور، ولكن مع وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لا شيء يخفى على الجمهور وإن قيد البعض داخل حدود الدول فأصبح فضاء الإنترنت متاحا من أي دولة للعامة، وأصبح من المستحيل حجب أي معلومة عن الجمهور.
لذلك، فالوضع والمسؤولية اليوم أكبر بكثير من السابق، بعد أن أصبحت هناك وسائل تعرض ما لا نعرفه عن الحياة الشخصية للمشاهير، وخصوصا السياسيين، لذا كل ما نأمله وهذا ليس حصرا في الكويت بل لأي سياسي في العالم لابد أن تكون سلوكياته قريبة من الأعراف والتقاليد وتعاليم الدين المتبع في مجتمعه، لأنها بالتأكيد ستجعله يخسر الكثير متى ما عرضت حياته الشخصية للملأ وكانت مخالفة للأعراف.
فكيف لنا على سبيل المثال أن نضع قوانين تجرم بعض الأعمال والأفعال، ثم يقترفها بعض من شرع القانون الذي جرمها، هذا بالتأكيد غير جائز وغير مقبول، وهذا ما يجعلنا نشاهد كيفية سقوط الكثيرين من أبراجهم العالية، وكيف خسر أناس كثر قاعدتهم الشعبية نتيجة ما أشيع عنهم.. وهذه قضية عالمية.
حيث بالرغم من تمتع بعض السياسيين بتقنية أداء جيدة، إلا ان مخالفتهم لأعراف مجتمعاتهم وتقاليدهم قد تؤدي إلى فقدان شعبيتهم، فالجمهور لا يرحم وخصوصا ان كل مجتمع يحب أن يرى فيمن يمثله انعكاسا لأعرافه وتقاليده حتى يحافظ على هويته الوطنية.