بقلوب مؤمنة وراضية بقضاء الله وقدره، تلقينا نبأ وفاة قائدنا وقائد الإنسانية الذي وافته المنية يوم أول من أمس ونرفع تعازينا إلى صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو رئيس الحرس الوطني الشيخ سالم العلي، ونائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، وعموم آل صباح الكرام وأبناء الشعب الكويتي.
نعزيكم ونعزي أنفسنا بوفاة حبيب الشعب وقائد الإنسانية، مشاعر لا توصف وحزن كيف لنا أن نتجاوزه؟ لكن بصلاتنا ودعائنا نسأل الله أن يصبرنا سبحانه على ما ابتلينا به في هذه الفترة. أسأل الله أن يرفع البلاء عنا ونتمكن من تخطي هذه الأحزان التي نواجهها الواحدة تلوى الأخرى.
إلا أننا نحن أبناء سمو الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، وخريجي مدرسته لابد لنا أن نتخطى هذه المرحلة ونقوى على أحزاننا وآلامنا ونسير في إعمار الكويت وبنائها، فقد كان سموه لنا قدوة في التحمل والمضي نحو مستقبل الكويت فكان رحمه الله يقوى على آلامه لأجل الوطن. وهكذا نحن لابد أن نستمر في السير على نهجه ونمضي قدما في بناء وطننا بعيدا عن الأحقاد والضغينة ملتفين حول قيادتنا الحكيمة وشيوخنا الأعزاء يدا بيد، لأن الكويت هي الأمانة التي حملها لنا سموه، رحمه الله، فبكلماته وتوصياته وتعليماته سنسير على نهجه ولن نحني، ولن ننكسر وسنسير قدما للأمام مع كل الجراح التي نشعر بها فحتى لو كنا ننزف من الألم فسنقوى على آلامنا وهذا هو الدرس الذي تعلمناه من سموه.
فلتسكن روحك الطاهرة يا قائد الإنسانية في فسيح جناته فوالله لم تقصر يوما بحق شعبك، فقد شهدنا الأمان والرخاء والرفاهية في عهدك وخيرك ومساعيك قد عبرت حدود الدول وشملت دولا كثيرة في العالم، جعلها الله في ميزان حسناتك.
فالكويت في عهد سموه شهدت طفرة من التقدم والازدهار على جميع الأصعدة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي فقد تحسنت أوضاعنا المعيشية بشكل كبير مع انفتاح في العديد من القطاعات سواء التعليمية أو الصحية أو الإعلامية أو حتى على صعيد الأنشطة الاقتصادية. فقد استطاع سموه أن يتخطى بالكويت اكبر الأزمات الاقتصادية التي شهدها العالم، فبقيت الكويت محافظة على تصنيفها السيادي وقوة عملتها ورواج نشاطها.
هذا فضلا على الصعيد السياسي، فقد كرم سموه من قبل منظمة الأمم المتحدة كأول قائد للعمل الإنساني بتكريم دولي ومؤخرا كرم من قبل الرئاسة الأميركية في جائزة لم تمنح منذ عام 1991 وهذا أكسبنا ككويتيين مكانة مرموقة جدا، فقد أصبحت الكويت بعهد سموه رحمه الله بمكانة دولية ليست بهيّنة. وقد كانت مواقف سموه الديبلوماسية سواء الإقليمية أو القارية أو الدولية مواقف ذات صدى كبير، فقد استطاع أن يطفئ لهيب العديد من الأزمات، ولعل أبرزها كانت الأزمة الخليجية، ولن ننسى أبدا حرصه على وحدة الصف الخليجي وألا تنشق، فكان، رحمه الله، وهو صائم يتجول من دولة لأخرى لحل الأزمة الخليجية والتي وإن لم نشهد حلا حاسما لها حتى الآن، إلا أنه استطاع بحكمته أن يمتص هذه الأزمة بأقل الخسائر محافظا على البيت الخليجي.
هذا فضلا عن دور سموه بحكمته بدعم الدول المضطربة وتقديم الدعم المادي والمعنوي للشعوب المتضررة، فقد كان للكويت دور كبير في معالجة الأزمة السورية، حيث أقامت الكويت مؤتمرات عديدة للدول المانحة لسورية واليمن.
وأمور كثيرة بحاجة إلى تأريخ شيء نستحضره في هـــذه اللحظات وأخرى لا، إلا أنه أسس مدرسة للديبلوماسية والعمل الإنساني رحمه الله وأسكن روحه الطاهرة المتسامحة الرحيمة في عظيم جنانه.
فوالله لا يوجد قائد في تاريــخ العــالم عالج الأزمــات التي شهدنـاها بروح متسامحة وقلب رحيم كقلب سموه رحمه الله، فكان صاحب الوجه المبتسم والقلب الرحيم رحل عنا بجسده، ولكن روحه الطاهرة ستبقى معنا ونحن جميعنا أبناؤه ولن ننسى توصياته وسنستمر في السير على نهجه ومدرسته ستبقى تولد رجالا ورجالا.
مستقبل الكويت ولله الحمد بعد الله سبحانه بأيدٍ أمينة، فأبناء القائد الراحل مؤسس الدولة الحديثة المغفور له- بإذن الله- سمو الشيخ مبارك الكبير نتوسم فيهم الخير جميعا، لذا لا نقلق على مصائرنا فنحن بأيدٍ أمينا، ولكن نعزي أنفسنا ونسأل الله أن يمكننا من تخطي أحزاننا على وفاة قائدنا (بابا صباح).