قالت الشابة وبكل عنجهية للاخصائية النفسية والاجتماعية: لقد أتينا إليك لتساعديني في تأديب زوجي لا لتسمعيني نصائحك البالية، أريدك أن تخبريه بأنني إنسانة حرة ويكفيه أنني أنجبت له طفلين، والآن أتى دوري للاستمتاع بحياتي.
مفاهيم جديدة وغريبة بدأت تندس بوقاحة في حياتنا الاجتماعية ومعها اضطربت موازين الحياة الطبيعية، فهناك نسبة غير بسيطة من النساء والفتيات اللاتي ينظرن للرجل على أنه سالب لحريتهن ويجب عليهن مقاومته، كما بدأت تتكرر على أسماعنا جمل حب الذات وتدليل النفس إما عن طريق رسائل الواتساب أو الفيديوهات أو على لسان مدربين ينقلون فكرا أجنبيا لمجتمعاتنا وبدون أن يجتهدوا لستره بالرداء الإسلامي والعربي أو حتى يبذلوا بعض الجهد لإضفاء صورة واقعية عليه تتناسب مع مجتمعاتنا، للأسف ترك هؤلاء المدربون والمعالجون معاولهم تمارس عملا تخريبيا مقصودا أو غير مقصود لإيقاع الأذى في مجتمعاتنا كافة وكأنهم فئران سد مأرب التي ظلت تقرض الخشب في غفلة حتى انهار السد وهذا ما نخشاه.
أفكار حب الذات غير المحددة وتدليل النفس مع الانبهار بالنموذج الغربي للحرية المفرطة للمرأة وتشجيع عناد الوالدين أو الزوج تسببت بمشاكل اجتماعية كثيرة كعقوق الوالدين والعزلة الاجتماعية وضعف الروابط الأسرية مع ارتفاع لمعدلات الطلاق فوصلت في الكويت إلى 2642 حالة طلاق في 2017م أما في مصر فحسب إحصائية عام 2015م فهناك مليون حالة طلاق.
التغيير الاجتماعي سهل على المرأة تجاوز الكثير من المعوقات القديمة، ففتحت أبواب التعليم للفتيات وخرجت المرأة للعمل ومارست الكثير من الحقوق التي كانت محرمة عليها وأصبحت سيدة قراراتها في أغلب الأحيان، ونجحت المرأة في إثبات كفاءتها وتبوأت مراكز قيادية مهمة، ولكن بمسح سريع للحياة العامة في مجتمعاتنا نجد أن النساء اعتبرن أن من الواجب عليهن كسر جميع القيود التي تحد من تمتعهن بالحرية التامة، فأصبحت المرأة تخطط ليومها وغدها ومستقبلها بدون أي اعتبارات دينية أو اجتماعية وأعطت لنفسها الحق في أن تسافر كما تشاء وتتأخر في العودة للمنزل وتسعى لتوفير بديل لها للعناية بالمنزل ورعاية الأبناء، وأصبحت ترفض وبالصوت العالي أي سلطة رجولية سواء أكانت من أب أو أخ أو زوج مما أدى لتصدع الحياة الأسرية.
أما فكر الشابات فيتعرض للتشويش في مفاهيم الحرية والصداقة وطبيعة العلاقات الزوجية والاجتماعية مع اختلال واضح في تنظيم الأولويات، فنجد أن الاهتمام الزائد بالنفس يتقدم على العلاقات الأسرية والزوجية وقضاء الوقت مع الصديقات أهم من رعاية الأسرة أو الجلوس مع الزوج أو الوالدين ومبدأ تحقيق الذات يتقدم على رعاية الأبناء وتربيتهم، عدا تعظيم دور المرأة بالعمل المدفوع الأجر وكأن رعاية الأبناء والاهتمام بالبيت عار يجب التخلص منه.
وهنا نطرح السؤال المهم: هل المرأة سعيدة بما وصلت إليه وهل تشعر بالراحة؟
أتحدث كامرأة وكمتابعة للمجتمع النسائي بكل فئاته العمرية، إن المرأة في عصرنا الحالي تعيش معاناة اكبر من السابق وإن تظاهرت بعكس ذلك، فالمرأة كيان عاطفي حساس تسكن نفسها عند إشباع ذاتها وعاطفتها، فصراع المرأة والرجل هو صراع مفتعل لأن المرأة ليست غريمة للرجل أو منافسة له بل هي شريكة له في الحياة، كما تمتلك المرأة قوة داخلية هائلة قادرة على مواجهة تطورات حياتها وحياة أسرتها كما انها تمثل العمود الفقري للأسرة سواء أكانت زوجة أو أما أو أختا فهي الوحيدة القادرة على توفير الدعم النفسى والعاطفي لأسرتها وهى الركن الذي يحتوي الجميع بدفء أسري ومودة كبيرة.
الزمان تغير والحياة تطورت كثيرا ولا يحق لأحد أن يقف أمام التغيرات وللمرأة الحق بالتمتع بكل حقوقها الإنسانية ومكتسباتها وأن تمارس أدوارها الحياتية العديدة والتي أعلم يقينا بقدرتها على النجاح عندما تتعامل معها بتوازن، وهذا هو الخلق الإسلامي قبل أن يكون مبدأ نفسيا واجتماعيا ينادي به الغرب، فنفس الإنسان لها حق عليه ولبدنه حق وعلى المرء أن يعطي كل ذي حق حقه وهذا ما يعرف بنظرية التوازن في الحياة وبذلك تستقيم الأمور وتصبح المرأة ملكة حياتها ونورها المشع.
[email protected]