لا أكاد أصدق أن ذلك يحدث في بلدي، شاب 34 سنة، في ريعان الشباب يُقتل عيانا أمام المارة في شارع عام والسبب موقف سيارة، القاتل رأى أنه يستحق هذا الموقف فقام بقتل بني آدم لهذا السبب، أو أيا كان السبب، هل هذا معقول؟ كيف هانت الحياة البشرية عند البعض لهذه الدرجة التي يقوم فيها بعض من في قلبه مرض باستباحة دماء الناس لأتفه الأسباب، كيف تحجرت قلوب البعض فصار رفع السلاح أمام الغير من أبسط الأشياء وأهونها على قلبه؟ ما تجرأ هذا وأمثاله إلى هذه الدرجة إلا وهو في قرارة نفسه يعتقد أنه ناج منها بحكم الاتكال على الفزعة أو الواسطة أو بشطارة من باع نفسه وضميره.
أكاد أعرف ما الذي سيحصل لاحقا، تقولون مجنون تقولون «مو صاحي» تقولون يراجع الطب النفسي، وأقول استريح أنت معاه، مو صاحي أو مريض بالطب النفسي ما في داعي أهله يتركونه بالشارع، هذا كيف يقود سيارة أصلا؟ كيف يسمح له باستخراج رخصة قيادة؟ ومعاه سكين أيضا، ليس عندي أي استعداد لتقبل مثل تلك الأعذار الواهية والأسطوانات المشروخة التي تتكرر كل مرة نبكي فيها أحباءنا، قلبي يعتصر ألماً على تلك الدماء، أعزائي الآباء وأولياء الأمور، مالك نفس على التربية ما في داعي للخلفة، تخلف وترمي بالشارع ونحن والمجتمع كلنا نتحمل جريرة أفعالك هذا لا يستقيم أبدا.
منذ سنوات فقدنا صديقا لنا، طبيبا، بـ «الأفنيوز»، قتل لنفس السبب التافه، ليش تخزني ليش تلف علي ليش تأخذ مكاني، ليش وليش وليش، ومن ثم رفعة سكين والنهاية أم حزينة تبكي ابنها المغدور والله المستعان.
رسالتان في خاطري، الأولى أوجهها إلى وزير الداخلية، شخص مريض نفسيا ما يجوز يستخرج رخصة قيادة، سلاح دمار شامل يمشي على الأرض، كأنها رخصة للقتل، السالفة تكررت كثيرا والبعض صار يتكل على هذه الثغرة، والرسالة الثانية أوجهها إلى المجتمع، مسألة انك تفزع لواحد قاتل غرس سكين المطبخ في ضلوع شاب بريء لسبب تافه هذه ليست إنسانية أو نخوة، هذه أسميها اختلالا بالموازين، لو كان ابنك المقتول كنت ترضاها على نفسك، والرحمة التي نزلت عليك فجأة الأولى بها المقتول وليس القاتل، افهم يا فهيم، لا تجعلوها عادة بين هؤلاء المجرمين، يقتلون ومن ثم يتكلون على الفزعة، ارحموا عزيز قوم.
وفي النهاية لا يسعني إلا أن أقول الله يرحم المغدور، وينتقم من القاتل المجرم، وفي الختام سلام.