ساءني ما حصل لإخواننا الضباط الأسبوع الماضي، للأسف كانت هناك حالتا وفاة وآخرون دخلوا إلى المستشفى وأسعفوا بالوقت المناسب ولله الحمد، نسأل الله ان يتغمد من مات برحمته ويلهم ذويهم الصبر ويعجل بشفاء المصابين اللهم آمين، هل تنتهي هنا الحكاية؟ لا بالطبع، ما حصل الأسبوع الماضي مع إخواننا المتدربين الضباط حصل للأسف في مناسبات وحوادث أخرى، ربما لم تفض الى الوفاة ولكنها حصلت، ويبدو ان هناك فهما ملتبسا عند بعض القيادات المسؤولة عن تدريب المنتسبين الجدد، تلك السياسة أدت الى هذا الوضع البائس، حالات وفاة وآخرون بالمستشفى، هل يعقل هذا؟ هل هذا هو الأسلوب الذي تحببون الشباب به في الانخراط بالعسكرية والشرطة؟ هل من المعقول ان اسلم لكم ابني بكامل صحته أمس شابا مقبلا على الحياة واتسلمه اليوم جثته هامدة؟ ومن المسؤول عن مثل تلك التجاوزات؟ ويأتي البعض للأسف للغمز انهم ليسوا أصحاء كفاية!
جرت العادة عندي ألا أعلق على أي مسالة خلافية خصوصا اذا كانت ذات توجه عام الا بعد ان تبرد وتتضح جميع معالمها، لا أحب ان أخوض بـ «الهوجة»، ولكن مع الأسف رغم مرور أسبوع وأكثر على حالات الوفاة تلك الا انه لا توجد رواية حكومية او تصريح حكومي رسمي يعتد به عن كيفية وفاة الطلاب وكيف حصلت المأساة؟ على حد علمي طبعا، سمعنا عن إيقاف لبعض المسؤولين وكبار الضباط من دون ان تذكر الوزارة المعنية أي اسم وأي تهمة، الأمر الذي فتح مجالا لباب التكهنات ووكالة «يقولون» وكل يدلي بدلوه، وعزاؤنا ان يقوم المصابون من فراش المرض والمستشفى ليحكوا لنا ويقدموا شهاداتهم على ما حصل لهم وأدى الى ما رأيتم وإلى ربي المشتكى.
يبدو ان هناك بعض القناعات الخاطئة في تفكير بعض المسؤولين عن التدريب وهذا رأيي الشخصي، من قال لك إن التدريب في عز الحر والشمس تحت درجة حرارة اكثر من 60 درجة سيعطيك مقاتلين ورجال أشداء؟ من قال لك هذا؟ يعني حضرتك بتخترع لنا طبا جديدا؟ تريد أن تقنعنا بأن من العادي التدريب تحت هذه الشمس ولهذه الساعات وهذا أفضل للعسكرية؟ يا ليت تثبت لنا تلك النظرية بنفسك وتقف تحت هذه الشمس لتكون مثالا وقدوة حسنة لطلابك، برأيي المتواضع هذا شيء اقرب منه للتعذيب ولا يمكن أن يوصف بتدريب، وأقول ذلك بناء على تكرار هذه الحالات من قبل في أكثر من مناسبة، هذه ليست أول مرة، البعض يقول إن حالات الإرهاق والأنهيار الجسدي في التدريب يكون بسبب دخول الطلبة الضباط بالواسطة من دون أي التفاتة لنتائج الفحص الطبي، وردي إن حصل ذلك فهذا اتهام آخر وتسيب، يعني لو كان التدريب الشاق، الذي بنظري هو اقرب للتعذيب، أدى إلى هذه النتائج فتلك مصيبة، ولو أقررت بان ما حصل كان بسبب الواسطة فالنتيجة اعظم، ولا أعتقد أنها بسبب الواسطة، وحتى تظهر لنا الرواية الحكومية الرسمية المنتظرة على ما حصل لا يسعنا الى ان نقول: حسبنا ربي ونعم الوكيل، وعزاؤنا أن يكون هناك عقاب رادع وسياسة «حازمة» تجاه القيادات المتسببة في هذه المأساة، وحتى ذلك الوقت آسف على تقليبي للمواجع، ودمتم على خير.