من حوالي عشر سنوات تقريبا ظهرت مبادرة حكومية لدعم الشباب شعارها «هده خله يتحدى» تذكرونها، محور المبادرة دعم مشاريع الشباب المتوسطة والصغيرة عن طريق تقديم قروض ميسرة وأراض بإيجارات رسمية لغرض الصناعة أو المشاريع التجارية، وكان الاتجاه إلى القطاع الخاص للتوظيف أحد ابرز أركان خطة الكويت لدعم الاقتصاد ككل ولتقليل أعداد العاطلين ومن ينتظر الوظيفة الحكومية من الديوان، وإيجاد مصادر للنقد الأجنبي غير النفط اعتمادا على الرسوم والضرائب والإيجارات التي ممكن أن تجنيها الحكومة من نجاح الشباب في إيجاد منتجات كويتية أو خدمات أو صناعات على الأرض، طبعا هذه الخطة كانت ممتازة على الورق، أما التطبيق فلم يحالف الحكومة الحظ في هذا وكان الفشل واضحا مع الأسف.
«هده خله يتحدى»، البداية كانت قوية بزخم إعلامي كبير، في وقتها والحق يقال كان هناك اكثر من جهة تقدم قروضا صناعية أو تجارية ميسرة، حكومية كاملة أو مدعومة من الحكومة، واستجاب كثير من الشباب الذي «زهق» من روتين الوظيفة وأراد تحقيق اسم وإنجاز لشخصه، استقال الكثير من الوظائف الحكومية وتوجه إلى البنوك، شركات الاستثمار، شركات الاتصال، الشركات المدرجة في البورصة وغيرها، البعض بدأ فعلا عملا تجاريا صغيرا اغلبها كان في مشاريع المطاعم والبيع بالتجزئة وكانت فورة حقيقية إلى العام ٢٠٠٨ ومع بداية الأزمة المالية العالمية.
مع الأزمة المالية التي بدأت في أميركا، (وعند انحسار المد ظهر من كان يسبح عاريا)، ظهرت السلبيات بالحملة وطغت على المشهد، وبدأت الشركات الكويتية تترنح بسبب تدهور البورصة ودخلت أخرى في إفلاس والبعض جنح إلى تقليل رأس المال وانكمش القطاع الخاص بشكل مخيف، في النهاية قامت بعض الشركات بالاستغناء عن الكثير من الشباب الكويتي، وفي أيام قليلة وجد الكثير منهم نفسه بلا مرتب، وحيدا أمام مصاعب الحياة، لجأ الكثير منهم للعمل الحكومي مرة أخرى راضيا بأي وظيفة أو إلى صندوق المعسرين، وصار عندنا ظاهرة (البطالة المقنعة) وربي المستعان.
كيف نقيم هده التجربة وأين فشلنا فيها حين نجح الآخرون من حولنا؟ ندرة القسائم الصناعية والحرفية على الرغم من هذه الصحراء الشاسعة، التمويل الصناعي اصبح اقل من السابق، بيروقراطية حكومية بالمعاملات، مسؤولون ليسوا على قدر من المسؤولية وعدم وضوح خطة حكومية حقيقية بعيدا عن الشعارات، في رأيي المتواضع هذه الأسباب كانت اهم أسباب فشل تجربة القطاع الخاص في الكويت، والنتيجة كما ترون الان في النشرات الاقتصادية، بدل ما تكون «هده خله يتحدى» صارت «هده خله يتكرفس»!.. ودمتم.