عندي قناعة كبيرة، بأن الغرب عموما إذا تكلم عن حقوق الإنسان والديموقراطية والإنسانية في العالم العربي، ليس لسواد عيوننا او حبا في مصلحتنا، ولكن بكل بساطة لابتزاز الحكومات العربية ولمكاسب اقتصادية أو لتحقيق تنازلات معينة في إحدى القضايا، لا اكثر ولا اقل، وأعتقد أن الغرب بالعموم ليس مهتما بنا الا بما يحقق له المصلحة والمنفعة، اعرف كثيرا ان السياسة باختصار هي السعي وراء المصالح والمكاسب، وكما قال تشرشل: (لا يوجد أعداء دائمون أو حلفاء دائمون هناك فقط المصالح)، وبالفعل كذا كانت.
في كل دولة عربية معينة وفي كل مجتمع، هناك قضية ما ممكن الضغط عليها من قبل حكومات أجنبية حتى يتم المطلوب، حقوق إنسان، حقوق اقليات ومنظمات مجتمع مدني (المدعومة من الغرب طبعا) مراكز دراسات تقارير حقوق الإنسان والانتخابات وغيرها كثير، تستخدم في توقيت معين لتحقيق (غرض) معين ضد دولة معينة، ولا بأس من استخدام أشخاص (معينين) لإظهارهم كأبطال وتسليط ضوء الإعلام وتركيزه عليهم ليكون التأثير النفسي اكبر، وأعتقد أن السيدة هيلاري كلينتون قد أسهبت بالكثير من التفاصيل عن كيفية استخدام تلك الورقة للضغط على الحكومات من الداخل في كتابها (قرارات صعبة)، السيدة كلينتون جابت العيد من الآخر.
غير أن هذه الطريقة في الابتزاز تكون واضحة جدا وبشكل فج في المظاهرات، التي يسوق لها الإعلام الغربي على أنها وسيلة حضارية جدا للتعبير عن الرأي، مهما استخدم هؤلاء المتظاهرون (السلميون) من عنف وتخريب ضد الأملاك الخاصة او العامة، وما حصل في الدول العربية من حولنا اكبر دليل وحتى لحظة كتابة هذا المقال، وقد اصابنا نحن في الكويت شيء من هذا الخراب (ضاعت الكويت الا شوي) كما قال الأمير والحمد لله من قبل ومن بعد.
ولكن انظروا الى ازدواجية المعايير في نظر حكومات الغرب، عندما تجتاح المظاهرات بريطانيا، ويحصل الخراب والسرقة يصرح رئيس الوزراء البريطاني «عندما يكون الأمن القومي البريطاني في خطر لا احد يحدثني عن حقوق الإنسان»، في مظاهرات إسبانيا عندما سعى إقليم كاتالونيا لتنظيم انتخابات او التصويت على الانفصال عن اسبانيا الام، دخلت الشرطة الاسبانية من الشبابيك بالهراوات لتقمع هؤلاء المحتجين بالقوة، على الرغم من عدم استخدامهم لأي سلاح، الفيديوهات موجودة لمن أراد الاستزادة، نفس الكلام في أميركا مع حركة (احتلوا وول ستريت) التي انتهت بقوة الشرطة وكانت النتيجة الحكم بحبس كل من شارك فيها لمدة تقارب ٦ أشهر، واليوم فرنسا ومظاهرات تجتاح شوارع باريس احتجاجا على زيادة أسعار الوقود، وكيف استخدمت الشرطة في الشوارع القوة لدفع أصحاب (الفانيلات الصفراء) ومنعهم من التواجد بالشارع او امام قصر الاليزيه، بالقوة ولا شي غيرها، وعلى الرغم من الإصابات وبعض الوفيات، لكن المثير للدهشة أنه لا أحد عندهم في حكوماتهم وتقارير خارجيتهم يتحدث عن حقوق الإنسان، تماما.
أنا طبعا لا أبرر لهذا العنف الشنيع إطلاقا، ولا ادعو الى مظاهرات لا سلمية ولا غيرها، عندي قناعة بأنه لا توجد مظاهرات سلمية أصلا لا عندنا ولا عند الغرب، لكن الحكومات التي تضع شخصا قبض عليه لأنه يبيع سجاير فرط (بدون ترخيص) يدهس هذا المسكين تحت ارجل الشرطة وهو مكبل اليدين حتى يختنق ويموت والكاميرا تصور، ويخرج الشرطي بعد ذلك بكفالة، هذه حكومات ليس لها حق قانوني أو أخلاقي في الحديث عن حقوق الإنساني، يتهيأ لي يعني، الحكومات التي تسكت عن قصف إسرائيل لمقر الأمم المتحدة، الحكومات التي تسكت عن بلاوي ابو غريب، الحكومات التي تغض الطرف عن مذبحة قانا وجنين وغزة والموصل.. وغيرها، ليس لها الحق أبدا، في أن تحاضر عن الديموقراطية والإنسانية، وفهمكم يكفي، وشكرا.