تعد الحدود العمانية - الإماراتية واحدة من أكثر الحدود السياسية تميزا في الجغرافية السياسة، وفي اعتقادي قد لا يكون لها نظير في التاريخ السياسي المعاصر ولا حتى القديم، ونحن ننظر إلى الخارطة أو صور الأقمار الاصطناعية للخط الحدودي بين «خصب» التي تشكل القمم الصخرية المطلة مباشرة على مضيق هرمز على الخليج العربي، تكون هذه القمم لسانا من اليابسة بسلسلة جبلية ضيقة ووعرة تشكل الضفة الجنوبية للخليج، ثم نتجه بالخريطة جنوبا مع الخط الحدودي حتى نصل إلى مدينة العين.
يكون الشريط الحدودي خطوطا متداخلة قل نظيرها، تكاد لا تميز بين مبنى عماني أو مبنى آخر إماراتي نظرا لتقارب المسافات والتجمعات العمرانية، المسافة ما بين خور فكان - ولاية مدحاء - مدينة مسافي، شكل الشريط الحدودي فيها أكثر الحدود غرابة بالعالم وأجملها أيضا، أرض إماراتية تخرج منها لتدخل في عمان، ثم تخرج منها لتدخل الإمارات مرة أخرى وأنت على نفس الشارع، ربما في مقال آخر أتناول وصف هذه القطعة من الأرض ورأس خصب بشكل أكثر تفصيلا لما لها من أهمية إستراتيجية.
ما لفت نظري هو طريقة استغلال الإماراتيين للمناطق الحدودية في مشاريع إنمائية تعود بالفائدة على البلدين، خصوصا في المنطقة الحدودية جنوب مدينة العين المركز الحضري هناك، جنوب المدينة ولمسافة تقارب 30 كلم على طول الحدود وعلى بعد أمتار قليلة فقط من السياج الفاصل بين البلدين، قامت الحكومة الإماراتية بتوزيع عشرات بل مئات المزارع الصغيرة على المواطنين لكي يزرعوها، مساحتها اكبر قليلا من 500 متر مربع تقريبا، أكبر من جواخير كبد عندنا بالكويت، وقام هؤلاء بزراعتها كل على حسب مشتهاه وهواه وأعطت لمنظر الحدود جمالا ورونقا ممتاز بدا واضحا بصور الأقمار الاصطناعية، طريقة مثالية لاستغلال المساحات ووقف التصحر على البلدين وتحقيقا للأمن الغذائي ولو على مستوى متواضع، على أطراف الدولة وليس في منتصفها، الفكرة بسيطة لكن النتائج كانت مذهلة. الحقيقة، العين لا يمكن أن تغفل ذلك الشريط الأخضر الممتد على طول الحدود جنوبا، يا ترى متى يمكن أن نطبق ذلك في الكويت؟ نتناول موضوع الحدود الإماراتية - العمانية وأهميتها في مقال آخر بإذن الله، وفي الختام سلام.