لا أذكر متى آخر مرة شاركت فيها بالمسيرة في العيد الوطني، لا أذكر تحديدا ولكن أعتقد أنها كانت في أوائل التسعينيات تزامنا مع فرحة التحرير، يومها كانت هناك مشاعر وطنية حقيقية لم تفسد بأخلاق بعض من يدعي الوطنية ولكنه يتفنن في أذى الناس في الشوارع، على الأقل أنا أراها كذلك، عندي اعتقاد أن البشر كانوا غير البشر والشعارات كانت أفعال وأقوال على السواء.
في كل سنة في ٢٥ فبراير وأسبوع قبلها تقريبا، أكون حريصا على إنهاء جميع التزاماتي الخاصة بالعمل والعائلة، وجعل المشاوير الخارجية للضرورة وفي النهار فقط، لما نشاهده من جنون البعض في الشارع بحجة الاحتفال بالعيد الوطني، أقول البعض وليس الكل، البعض الذي يفسد فرحة الكل، صار من الأمور العادية جدا وأنت تقود سيارتك تفاجأ بمجموعة من الأغراب صغار وكبار، يعترضون سيارتك ويفتحون الباب ليلقوا عليك بالونات ماء، صار عادي جدا ان احدهم يوقف سيارته بعرض الشارع ويعطل العالم فقط ليلهوا كما يحلو له بالماء مع من جاوره، تفاجأت امس أن احدهم أوقف سيارته على جانب الدائري الخامس وقاعد يرش ماي، تصوروا!
تطور الحماس وتفاقم عند الماي وصاروا يحذفون صخر، طبعا الفوم صار موضة قديمة الآن صار صخرا، على المارة والسيارات يحذفون بالونات مملوءة صخرا لتصيب من تشاء، وفي الأيام الماضية سجلت فعلا إصابات وصلت إلى حد ان البعض انتهى به المطاف في المستشفى لتطبيب تلك الجراح، هل هذه وطنية؟ هل هذه أخلاق بني آدميين أساسا؟ طبعا هذا غير البعض الذي حب ان يندمج تماما في اللعبة وصار يحذف على السيارات والمارة طابوق بناء! أي وربي صاروا يحذفون طابوقا تخيلوا؟! وسجلت تلفيات في بعض السيارات لمواطنين شاء حظهم العاثر ان يمروا الى جانب أولئك البشر غريبي الأطوار.
كل هذه الأسباب وأكثر جعلت من هو مثلي يفضل الجلوس في البيت في أيام يفترض بها ان تكون للمسيرة والتنزه في المرافق العامة، التي طبعا أتلفت وتحول الكثير منها صباحا الى ما يشبه مكب نفايات بعد ليلة حامية الوطيس، حرب داحس والغبراء، فقط تفرجوا على الكورنيش في اليوميين الماضيين، مأساة، المهم، اجلس في بيتي معززا مكرما بدل ما (انغث) من احدهم، وعزائي ان هناك الكثير من الصالحين من يستنكر مثل هذه الأعمال ويدعون إلى تغييرها وتفعيل القانون بحق المتجاوزين منهم، وكلنا رجاء ان تتغير قناعات بعض الناس عن العيد الوطني، ويرتقوا شوي بأخلاقهم، آسف على الإطالة، وكل عام وانتم بخير.