فكرة حاضنات الأعمال بخلاصة هي دعم حكومي مميز لمشاريع الشباب والشركات والمؤسسات الناشئة التي تحتاج إلى بعض الوقت والجهد لتقف على القدمين وتباشر العمل والتنافس في السوق، مجموعة من المميزات التي تعطى لصاحب المشروع بالغالب من جهة الحكومة وفي بعض الدول من القطاع الخاص، عندنا بالكويت هي بين هذا وذاك.
تتكون حاضنات الأعمال من مساحات عمل مشتركة أو مكاتب للتأجير سواء استشارية أو تجارية بمساحات صغيرة تناسب طبيعة عمل الشركات الناشئة وبإيجارات رمزية، أو هكذا يجب أن تكون، وبعضها يوفر طاقم عمل مشتركا بموظفين أو سكرتارية للتعامل مع الأعمال الورقية اليومية الخاصة بالمشروع مثل المحاسبة والميزانيات والتواصل مع الجهات الرقابية وربما خدمة استقبال المكالمات والبريد وقاعة اجتماعات عمل مشتركة وغيرها.
بالمجمل المفروض أن فكرة حاضنات الأعمال في الكويت ضرورية وأساسية لبدء أي مشروع والمفروض أن تكون مغرية للشباب ولكن أين الخلل؟ في البداية للأسف تخلت الحكومة عن دورها هذا بشكل تدريجي فاتحة المجال للقطاع الخاص ليحتكر تقريبا هذا المجال، وصار البحث عن الأرباح هو المطلب الأول وليس دعم المشاريع بأسعار رمزية، أسعار تأجير المكاتب في تلك الحاضنات تبدأ من ٥٥٠ دينارا وتزيد، وهذا مبلغ كبير كبداية لمشروع شبابي بالغالب يعتمد على القروض الشخصية، ناهيك عن ندرة المكاتب الإدارية المرخصة بالرقم الآلي، أغلب المتواجد غير مرخص وقد تناولنا هذا الموضوع في مقال سابق بالتفصيل.
الاتكال على القطاع الخاص بالكامل شكل عبئا على المبادرين الشباب كون الحكومة بالمنطق أكثر صبرا على المبادرين من هذه الشركات التي تسعى بشكل طبيعي وأساسي لتحقيق الأرباح من الإيجارات، اغلب الشركات العالمية التي تعمل في مجال مساحات العمل المشتركة يكون عملها غير قانوني وفق نظام الرقم الآلي الكويتي وبالتالي تكون عرضة للمحاسبة والعقاب، والنتيجة ندرة المرخص واحتكار وزيادة الإيجارات، يضاف إلى ذلك بعض التعقيدات في الدورة المستندية (الورقية) لتراخيص الشركات وخلافه وهذه النقطة فقط تستهلك الكثير من الوقت والجهد، لا يزال العمل في وزارة الشؤون يتطلب الكثير من الأعمال الورقية والزيارات المتكررة على مقار الوزارة.
ضع نصب عينيك أسلوب حاضنات الأعمال في الدول المحيطة والقريبة، السعودية والإمارات كمثال والسعودية أفضل وأكثر دعما، إذ تقوم حكومة المملكة بتوفير مساحات للعمل بقيمة إيجارية اقل بكثير من نظيرتها في الكويت سواء على مستوى الخاص أو الحكومة، الأمر الذي أعطى مشاريع الشباب زخما كبيرا، لا بد من إعادة النظر في فكرة حاضنات الأعمال في الكويت والتركيز على جوهر الفكرة وهو «الدعم» وليس تحقيق «الأرباح» من القيمة الإيجارية، وهذا لن يكون إلا بالدعم الحكومي فقط، فلنأمل خيرا ونتفاءل، وشكرا.