لي الشرف أن أكون من جيل أول الثمانينيات، الجيل الذهبي بنظري المعبأ بالذكريات الطيبة التي نفتقد تفاصيلها الجميلة هذه الأيام، أحد هذه التفاصيل مجلة ماجد وبراعم الإيمان التي كانت أمي تحرص على جلبها لي، يومها قرأت أول مقال عن القضية الفلسطينية وعن النضال الفلسطيني وإجرام اليهود القادمين خلسة عبرة بوابة الانتداب البريطاني من بقاع شتى، ليحتلوا أرضا عربية ويقتلعوا شعبا طيبا من ارضه كما يقتلعون شجر الزيتون ويقيموا على الأنقاض العربية كيانا مسخا بطريقة شاذة أسموه دولة، عندما تحولت عصابات شتيرن والهاجانة إلى دولة.
هكذا كانت تربيتي وهكذا عشت وتربيت وتعلمت، في المدرسة والبيت، أن فلسطين قضيتنا الأولى وهي قضية حق أزلي، قارنوا تلك الأيام بهذه التي نعيشها، وحمى التسابق للتطبيع مع العدو الصهيوني في اشتعال، خصوصا وهذه الحمى وصلت إلينا نحن أبناء الخليج في عقر دارنا وكنا نظن أننا محصنون فكريا على الأقل ضد دعاية التطبيع، اليوم وللأسف الشديد، نرى ونسمع من بعض النخب السياسية والثقافية أو الإعلامية، كلاما يجعل القلب يعتصر ألما عن ضرورة التطبيع وفوائد التطبيع ومكاسب التطبيع، وكأنهم اكتشفوا للتو ان الصهاينة أناس «صالحون»، وقد فاتنا خير كثير ونحن منقطعون عنهم، وتجرأ البعض عيانا وقال «ان فلسطين ليست قضيتي» وبعضهم أعلن «انه قرار سيادي وانتهي الأمر»، يحاولون بذلك رفع العتب عنهم بعد أن استنفدت الحجج، إذ إن من المنطقي ومن البديهي ألا تكون هناك أي فوائد اقتصادية أو مكاسب تنموية مع «عدو» يتربص بنا ليل نهار ويتحرى أي فرصة للغدر بنا وبأهلينا في فلسطين.
عن نفسي أنا لم أسمع أن يهوديا في أي بلد بالعالم قال «إسراييل ليست قضيتي» او «الصهيونية ليست قضيتي»، هم إما داعمون للاحتلال او على الهامش بدون تصريحات، يخافون من ردة فعل المنظمات الصهيونية ضدهم، ولكنني للأسف وجدت من بني جلدتنا من يقول «فلسطين ليست قضيتي» وكأن هذا النضال وهذه الدماء الزكية التي سالت وتسيل كل يوم لا شيء وهباء منثور، من يريد التطبيع مع الغاصب فليذهب للتطبيع، عندي قناعة راسخة انهم سيغدرون بك عند اول منعطف، كالعادة، وعن نفسي لن أشمت بي العدو ولن أعطي فرصة لهذا الصهيوني بأن يستقوى على أخي الفلسطيني ولا حتى بالشماتة، تبقى فلسطين قضيتي لأنها قضية حق وقضية عدالة وقضية المنطق السليم، اما الذين عجزوا عن نصرة الحق بالنية او حتى بالدعاء أقول له يا خسارة ويا ألف خسارة. والسلام.