في قراءة كتب السير الذاتية متعة كبيرة بالإضافة إلى خبرة السنين الطويلة التي تأخذها من خلال صفحات معدودة، حيث تجد كيف عاش هذا السياسي أو التاجر أو العالم حياته بحلوها ومرها، تأخذ منها كيف تكون البدايات، وأن النجاح يحتاج الصبر والعمل الدءوب في الوقت نفسه.
كما لاحظت من خلال كتب السير الذاتية العربية والأجنبية أن السير الذاتية الأجنبية أصدق بكثير من السير العربية، حيث تجد الأجنبي يتحدث عن حياته بكل وضوح بحلوها ومرها، وما المصائب والمشاكل التي واجهها في حياته وكيف استطاع أن يتغلب عليها، بمعنى أن له وجها واحدا، على عكس السير العربية التي تحس من خلال قراءتها على عدم مصداقية كاتبها في أغلب الأحيان، وفي الوقت نفسه هناك فقر كبير في الكتب العربية التي تتحدث عن هذا الفن.
إلا أنه لفت انتباهي سيرة حياة رجل الأعمال سليمان الراجحي عندما قرأتها، حيث وجدت فيها درجة كبيرة من المصداقية، وكيف كانت البداية الصعبة ويقابلها اصرار فاق من درجة صعوبة ومشقة الحياة، حتى حقق ثروة كبيرة وطائلة في الوقت نفسه، فيقول «أنا لا أعتبر نفسي غنيا ولكن أنا فقير إلى الله عز وجل ومن أفقر الناس لله عز وجل».
ومن بعد ما حقق كل هذه الثروة الكبيرة قام بتوزيع ثروته على أبنائه، فيقول «أنا ضمن الوقف، وملابسي ستكفيني حتى الموت، لا أملك ريالا واحدا بعد أن وهبت مالي لزوجاتي وأبنائي والوقف»، ويكمل «أعتز جيدا بأني بدأت حمالا وأسر بها أكثر مما اسر بحياتي الآن» إنها قصة نجاح رجل أعمال كانت الدنيا بيده ولم تكن بقلبه.
أين هذا من رجال أعمال لديهم أرصدة بالملايين، ولكن أسرهم وأبناءهم يعيشون عيشة الفقراء بسبب تقتير الأب عليهم، إنه غني بالأرصدة ولكنه بخيل بالعطاء وهؤلاء هم فقراء الأغنياء.
وهناك نوع آخر من الأغنياء الفقراء وهم الذين يبخلون على أوطانهم التي أعطتهم الكثير، ويتسابقون مع الفقير على الخدمات المختلفة، حتى انه ليست لديه مشكلة أن يأخذ مكان الفقير ويذهب للعلاج بالخارج على نفقة الدولة التي كانت هي مصدر أمواله.
لقد كان سليمان الراجحي غنيا بالمال والمشاعر والعطايا، النزيه العصامي، وهو خير نموذج لكل شاب يطمح لأن يكون في يوم من الأيام رجل أعمال ناجحا، ويستفيد من خلقه وقيمه قبل أن يتعلم مهارة جمع المال والتجارة، فما أحوجنا للقيم خاصة في عالم المال.
akandary@