لا شك في أن محاكمة الرئيس المصري السابق كانت غير مريحة لكثير من المتابعين لفصول هذه المحاكمة منذ البداية، إذ تمت تبرئة الرئيس السابق من سنين طويلة من الحكم الفاسد واستباحة أموال بلد يملك من الثروات والخبرات الشيء الكثير، وإدانته في قتل المتظاهرين فقط، إضافة إلى الحكم ببراءة نواب وزير الداخلية الذين كانوا يقتلون ويعذبون الأبرياء، والإدانة الرمزية لوزير الداخلية لجرائم سابقة... ولعل الشاب خالد سعيد الذي تم تعذيبه وقتله على أيدي رجال الأمن المصري والذي أوقد شرارة الثورة ليس آخر أو أول تلك التهم.
وصف بعض المغردين والمتابعين لمحاكمة مبارك وأبنائه ومساعديه بمحاكمة القرن حيث لم يسبق أبدا لرئيس مصري أن وقف أمام القضاء ليواجه تهما بالقتل والفساد ويحكم عليهم بالسجن، كما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعد صدور هذه الأحكام.
من قام بالثورة المصرية يشعر بعدم الثقة بهذه الأحكام، مما يعني لا تهم ولا إدانة، وسيؤدي ذلك الحكم لاشتعال الثورة من جديد بسبب إصرار الفلول وتخطيطهم لعودة النظام السابق، وقد تكون مقدمة لحكم شفيق، وكأن لسان حالهم يقول كيف نثق بحكم قاض لا يعرف كيف يقرأ بطريقة صحيحة سليمة.
هذه الأحكام تعتبر تهيئة ليكون جمال مبارك نائب الرئيس المصري إذا نجح شفيق، ومن ثم رئيس مصر القادم وبالانتخاب في حال استمرار الأوضاع على ما هي عليه. لذلك يجب على الثوار أن يتحدوا من أجل مستقبل مصر وعدم عودة فلول النظام السابق، وهذا أمر ممكن ولكنه يحتاج إلى تضحيات، ومازال الوقت متاحا أمام الفرقاء السياسيين.
وأعتقد بأن أحكام المحكمة التي صدرت ببراءة المتهمين ستوحد وترص صفوف الثورة في جبهة واحدة أمام الفلول، ورب ضارة نافعة.
تتحدث كتب السير عن حادثة وموقف حصل للخليفة عمربن عبدالعزيز عندما قال لقاضيه: إني لاستريب ألا تأتيني شكاية في عمالي من الناس. فقال القاضي: يا أمير المؤمنين «طاب المنبع فعذبت الأنهار».
akandary@