لا شك أن السؤال الذي طرحه علي أحد الزملاء، وهو في أي عصر تود أن تعيش ولماذا؟
في الحقيقة سؤال صعب يحتاج إلى ترو، وخاصة أن هناك عدة عصور مرت، وكل عصر بلا شك له أهميته، ولو اخترت وما أصعب الاختيار فإنني أفضل أن أعيش عصر «الخلفاء الراشدين»، الحكمة والثقافة، عصر العلماء الأفذاذ بل القادة من الرجال الذين قل تواجدهم في عصرنا هذا.
وبالفعل أنني سأحلق معكم في سماء ذلك العصر لنعيش عصرا ذهبيا نتذوق دفئه العلمي، حيث سطعت عليه شمس الإسلام والحرية في هذه الفترة فأحدثت دويا معرفيا غطى كون هذا العصر في عبق من هذه العلوم.
ومما لا شك فيه أن ذلك العصر قد أنجب لنا من رحمه الكثيرين من الخلفاء العظماء الذين يعتز بهم الإسلام، واسمحوا لي بأن أختار لكم إحدى هذه الشخصيات العظيمة لنغوص معا في بحر علومها وحكمها وثقافتها، وبلا شك أن هذه الشخصية غاصت بعمق بأفكار وقلوب معشر المسلمين من ذلك العصر حتى يومنا هذا، شخصية الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إنه بحق الشخصية التي بشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، هذه الشخصية العظيمة التي عندما تعانق حروفها شفاه الحقيقة يرتعش لها الخاطر وتطرب لها المسامع، فشخصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليست شخصية عادية أو عابرة بل إنها أسطورة يمكن أن نحكي قصصها ونرويها لأجيالنا المتعاقبة.
وإذا أردنا أن نعدد سجايا الفاروق رضي الله عنه فإننا سنحتاج إلى حزمة من الورق تكفي لكتاب كامل، لكننا سنركز باختصار على باقة حلوة منها:
كان رضي الله عنه حكيما، متواضعا حليما، عطوفا، ورعا تقيا ذكيا نقي السريرة، إن النفس تسمو بخلقه ويسمو بها، لم يعرف التاريخ قط رحمة أكثر من رحمته ولا عدلا أكثر من عدالته ولا تواضعا أكثر من تواضعه، كان يخرج في جوف الليل المظلم ليطعم الجائع والمسكين ويفرج عن كرب أنين المهموم ويمسح دمعة اليتيم والمظلوم ويعود المريض ويتفقد أحوال الرعية، فقد كان هو النور الذي يخرج من كبد الحقيقة ليزيد هذا الكون الشاسع إشعاعا ضبابيا مضيئا فتمطر علومه وثقافته رضي الله عنه على الجميع خير وبركة.
ما أحلى سمو خلقه وكرم نفسه حقا يا يا أمير المؤمنين يا عمر إنك معجزة عصرك، ملأت هذا الزمان بأعطر الفضائل وأنبل الشمائل، وفجرت في نفوس المسلمين أروع المثل وزرعت أشجار التقوى وغرست نسائم الإيمان فهبت علينا بأعطر مزاياك.
وحقا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك من وصف فهو خير دليل على منزلتك في قلبه، حيث قال الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه».