عبدالعزيز الأحمد
الطفل الوحيد لأبويه الذي يأتي بعد طول انتظار ومعاناه ومحاولات الانجاب المتكررة، سواء نتيجة للعقم او اي اسباب اخرى تعم الفرحة بقدومه ويأتي هذا الطفل وتأتي معه العوامل والانفعالات النفسية والعاطفية، وكذلك المادية، لتبدأ الأم في التدليل والعطاء الزائد ودون حساب، وهنا تكمن الخطورة دون أن تعلم الأم الضرر الناتج عن ذلك التدليل، فهذا التدليل لا يوظف قدرات الطفل المستقبلية، ويكون ايضا عقبة في توقيف وعدم تشغيل الخلايا العصبية والشبكات التوصيلية من الناحية السيكولوجية، فخلال السنين الاولى يحتاج الطفل للقيام بالعديد من العمليات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين، ومع البيئة المحيطة به والتي تقوم ببنائه الأول وتلقيه المنهج العلمي السليم، الذي يتدرج عليه بعد ذلك.
والطفل الذي يدلل بطريقة غير منظمة ومنسقة من الصغر يشعر بالوحدة، ويرغب في إشباع رغباته بالتفاعل الاجتماعي، فيبدأ يصرخ ويبكي بلا دموع كنداء غير ارادي للأم. لتأتي ويشبع تفاعلاته معها.
ومما لاشك فيه ان الام التي تغدق على طفلها الهدايا والألعاب والاهتمام الزائد وغير العادي حتما ستخلق منه شخصية ضعيفة ومهزوزة واتكالية، فالرجل الذي درج على الاعتماد على امه منذ الصغر، مطيعا لها في كل ما تتخذه من قرارات في أدق أمور حياته، حتى انفصاله عنها وزواجه وانتقاله الى امرأة أخرى، ستظل معه رواسب الماضي والظروف التي مر بها في طفولته من تدليل زائد وحضن دافئ أكثر من اللازم، فبلا شك سيكون هذا الطفل مرتبطا سيكولوجيا وذهنيا بأمه، وعندما يكبر ويستقل ويتزوج يظل في حنين طفولته.. ويبحث عن بديل لثدي أمه، فتراه يتصرف مع زوجته تصرفات خاطئة ومحرجة امام الآخرين والاقرباء لهما، فأحيانا يحط من قدرها، وأحيانا أخرى تكون مناقشاته ونقده لها جارح، وكل هذه الامور الشاذة يرتكبها وهو رجل مع زوجته، ورواسب في ذهنه والسبب في ذلك للاسف امه، التي حرمته من توظيف قدراته، ومن التعلم من اخطائه بنفسه، فحرمه التدليل من تعلم انماط سلوكية صحيحة، لأن التدليل «الماسخ» ليس قمة العطاء للطفل، بل هو للاسف حرمانه من نفسه، وتعجيزه عن توظيف قدراته التي فقدها دون شك في تدليله، واصبحت وبالا على شخصيته الحالية الضعيفة والمنكسرة بعد ابتعاده عن امه.
لذلك نؤكد على جميع الوالدين انه لا مانع من التفاعل مع اطفالكم وتشجيعهم، والحديث اليهم بشرط عدم الاسراف في التدليل الذي يضر بمستقبل الابن، ويكون في النهاية ضحية لهذه الرعاية السلبية الخاصة التي تنعكس على شخصية الطفل في ان يتحمل مسؤوليته كاملة.. ويبني بها شخصيته، دون ان يتوه في هذه الحياة الواسعة، ويكون اكثر اندماجا في المجتمع، واقدر على بناء أسرة سعيدة، ويبعد عن كل الانفعالات النفسية للتدليل المسرف الذي افسده الوالدان واضرا بشخصيته.
تعقيبا على ما نشر في هذه الزاوية تحت عنوان «جواخير كيبر»، وعملا بحرية النشر، علق بعض اصحاب جواخير كبد على المقال، حيث اكدوا ان الجواخير في كبد والوفرة لم تكلف الدولة فلسا واحدا، ولا توجد بها اي بنية تحتية لا ماء حلو، لا ماء صليبي ولا اي دعم مباشر او غير مباشر حتى العلاج في البيطرة بالفلوس، حيث ان اغلبنا قد دفع كل ما يملك لشراء هذه الجواخير التي في نظرك وفي نظرنا منتجع واستراحة «من حر مالنا» ولم تدفع لنا الدولة قيمة أي جاخور، ولم تمنحنا اياها، ولماذا ننظر الى هؤلاء المتقاعدين ممن يملك كل منهم جاخورا بغض النظر عن التجاوزات الاخرى للمزارع الانتاجية في كبد والعبدلي والوفرة ومزارع تربية الابقار في الصليبية!
اقتصاد البلد لا يقوم على جواخير الغنم ولا لنا اي علاقة بذلك، وهناك شركة حكومية مساهمة تسمى شركة المواشي هي المعنية بتوفير كل الماشية للبلد.
«والا بس شاطرة تحارب الشركات المنافسة لها لحد ما تترك السوق لها بالافلاس»؟!
المزارع الانتاجية ايضا معنية بتوفير الغذاء كالبطاطس والطماطم وجميع الخضراوات والاعلاف وخلافه، بالرغم من وجود الدعم المالي الحكومي لتلك المزارع في العبدلي والوفرة، يحرم منه المربي صاحب الجاخور صغير المساحة، ولعلمك الخاص ان الحكومة تدفع لجواخير تربية الابقار دعما ماديا على كل رأس، الى جانب دعم الحليب والاعلاف، وتحرم بالمقابل مربي الاغنام من اي دعم مادي رغم الغلاء الفاحش في الاعلاف والتربية والمساحة الصغيرة.
والحكومة تدعم كل القطاعات الزراعية والسمكية باستثناء مربي الاغنام؟! «تدري ليش»؟ لأن ظهرهم ضعيف واغلبهم من المتقاعدين «البدو» الذين هم في نظرك ككاتب لا يستحقون اي منفذ يحويهم.
بعد ذلك الجهد في التربية الا يستحقون جاخورا تم شراؤه بحر مالهم كأنه مناط بهم توفير اللحوم الحمراء بسعر زهيد لتنعم بذلك، وذلك بطرح العدد الكبير 100 رأس؟!
ان معظم المربين من الهواة وليسوا محترفين وليسوا ملزمين بتوفير اللحوم الحمراء لأن ذلك من شأن شركة المواشي الحكومية العامة التي لا ترغب في أي شركة اخرى تنافسها لتوفير اللحوم الحمراء.
تحريض هيئة الزراعة بالضرب بيد من حديد على هؤلاء المربين الهواة من اصحاب الجواخير لن تلتفت له الحكومة، وأنا أتكلم وكلي ثقة تامة بأن هناك من يزن الامور ولا يوزع التهم جزافا.