من أكثر الجمل كتابة لي هي «مررت واطلعت على الأحوال ولا يوجد شيء يستحق الذكر» كنت أدونها بشكل شبه يومي على دفتر الأحوال أثناء فترة عملي السابق سواء عندما كنت في المرور أو التنفيذ الجنائي حتى آخر مرحلة وهي الجوازات، سيتساءل القارئ بينه وبين نفسه ان كان كويتيا سيقول «احنا شكو فيك وفي عملك السابق» وان كان من اخواننا المصريين فبالتأكيد سيقول «هنعملك ايه يعني» وان كان من حبايبنا في لبنان فرده كالتالي «شو بعملك»، وهلم جرا.
تذكرت تلك الكلمات كلما دققت في الأحوال طبعا مش الدفتر «أحوالنا وأحوال البلد، هناك هوة تزداد اتساعا كل يوم، وأحوالنا من سيئ الى أسوأ فلقد استشرى الفساد في كل المؤسسات الحكومية دون مبالغة أو تجن وكانت السمة الغالبة التي تحكم العاملين فيها من القمة إلى القاع، وأخذ ينخر كالسوس لتتصدع أركان هذه المؤسسات، وعلى سبيل المثال لا الحصر ذلك الغلاء الفاحش لجميع ما يحتاجه المستهلك من السلع وكأن «الدعوة سائبة» وليس هناك قانون ينظم زيادة أسعار هذه السلع ويقمع من يخالف هذا القانون ويردعه بحجة وقوة القانون ولكن أين هو الشخص المطبق للقانون؟ الجواب «قال انفخ يا شريم قال ما من برطم» خدمات صحية وتعليمية متواضعة جدا فالمستشفيات على «حطتها» من عشرات السنين طوابير على العيادات المختبرات والأشعة ومواعيد بالأشهر، مدارس متهالكة تنتظر الترميم والمحسنين، أزمة سكن بصناعة حكومية بحتة، إيجارات سكن تلتهم ثلاثة أرباع الراتب، حتى غرق أغلب أبناء الطبقة الوسطى وهم السواد الأعظم من الشعب في القروض.
تعودنا على الفساد في كل شيء فأصبح جزءا منا يتحكم فينا وفى حياتنا اليومية، حتى أصبح منظومة لها قواعدها وقوانينها التي تنظمها، ومن يخرج عنها يعتبر غريبا وينتهي به المطاف لأن يصبح منبوذا ومغضوبا عليه من النخبة الفاسدة.
بيت القصيد: عزيزي القارئ لو بحثت عن الحلول لدى الحكومة وسألتها ماذا فعلت؟ وماذا أنجزت؟ وهل طبقت القانون على الجميع كأسنان المشط؟ ستجيبك ان كانت صادقة بأكثر جملة كتبتها أنا وهي «الأحوال كما هي لا يوجد شيء يستحق الذكر».
والله المستعان